جيت استون إنستيتيوت: رومانسية الغرب مع إيران والإسلاميين

جيت استون إنستيتيوت: أوزاي بولوت

يبدو أن الغرب قد فقد قدرته ورغبته في انتقاد الإسلام السياسي. وبينما يقوم الليبراليون محبو السلام بإظهار دعمهم لحماس وأزالوا حماس من قائمة الإرهاب الأوروبية، انشغلت حماس بإظهار دعمها وتعاطفها بأسامة بن لادن وطالبان.  ولماذا بعد ذلك صارت حماس عند الأوروبيين جماعة إرهابية أكثر قبولا من الدولة الإسلامية في العراق والشام؟ هل لأنها تستهدف اليهود؟  إذا ما كانت هذه الجماعات الإسلامية لا تقدر على القيام بمهامها في الوقت الحالي فإن هذا لا يعني أنها لا تريد ذلك. وإنما السبب في ذلك أنه ليست لديها القوة الكافية – على الأقل في الوقت الحالي. 

 

في عيون معظم الإسلاميين – سواء كانوا سنة أو شيعة – فإنه لا أرخص من النفس البشرية. يمككنا أن نرى ذلك واضحا في المعدل المتسارع لحالات الإعدام في إيران منذ أن وصل الرئيس المعتدل حسن روحاني إلى المشهد وكذلك يمكننا أن نراه في المذابح الرهيبة التي تقوم بها الدولة الإسلامية في العراق والشام.  وبينما الإرهابيون في العالم الإسلامي يقدمون حياتهم كلها من جلب الموت، فإن الولايات المتحدة وأوروبا يقفان صامتتين تشاهدان الإرهاب الإسلامي في السودان وباكستان والعراق وسوريا من قبل الدولة الإسلامية وفي نيجريا على يد بوكو حرام وخصوصا في إيران من قبل نظام الملا. 

 

وقد واصل وزراء خارجية أمريكا وإيران المحادثات تلو الأخرى من أجل إعطاء إيران – واحدة من أفسد الدول وأشدها قمعا وعنصرية على كوكب الأرض – قدرات نووية لتهديد باقي دول الشرق الأوسط والولايات المتحدة وأوروبا. إن منح السلاح النووي إنما يعد جائزة على الكذب والخداع ونقض المعاهدات تلو الأخرى. وهو أمر صار واضحا للجميع. 

 

 

يبدو الغرب وقد فقد رغبته في انتقاد الإسلام السيسي. فالصمت وعدم اتخاذ موقف ضد الإسلاميين إنما هو مرض يصيب ليس فقط الحكومة الأمريكية الحالية وإنما الكثير من المثقفين أيضا. في الغرب، هناك الكثير من المثقفين ذوي القلوب السليمة ممن يرغبون في إنكار إلصاق كل شيء بالدين – وخصوصا الإسلام السيسي – وأنه يريد أن يشكل ويبسط نفوذه على تفكير الناس وأعمالهم. 

 

ويرى الماركسيون أن الدين ليس سوى دواء وهمي في وجه القهر الاقتصادي. ولذلك فإن التفكير كان، إذا كانت هناك مشكلة في المجتمع المسلم، فإنها تأتي بداية من الفقر وعدم المساواة والنزاعات الطبقية وكذلك الإمبريالية الغربية. والكثير ممن سيطرت عليهم هذه الفكرة أميل إلى الاعتقاد بأنه بعد سقوط الرأسمالية والإمبريالية فإن المقموعين سوف يلقون بظلالهم على الدين الذي يشعرهم بأن هناك أمل في مستقبل أفضل. وهؤلاء الذين يبقون على هذه الرؤية يبقون صامتين أمام الحكومات القمعية كحماس وإيران وكوريا الشمالية حتى وإن كانوا يدعون أنهم يحاربون الإمبريالية إلى جانب الأنظمة التي تكره اليهود والمسيحيين والنساء. 

 

في الوقت نفسه، العديد من هؤلاء المثقفين الذين يضمون قادة حكوميين يتخيلون عن مستقبل العالم الغربي والإسلامي كما لو كانت مرة الرأس مالية أو الإمبريالية الأمريكية أو الاحتلال الصهيوني قد انتهى، فإن هؤلاء الطغاة سوف يكتشفون فجأة أنهم ليسوا بحاجة إلى العنف أو الراديكالية الإسلامية وأن فترة أخرى مشرقة من السلام من الممكن أن تخرج إلينا. ولذلك فإن رؤيتهم تبدوا، إذا ما انتقدت التيار الإسلامي، وكأنك غير متسامح وأنك عنصري متحجر القلب أو تبث خطابا للكراهية. 

 

يبدو صعبا بالنسبة للكثيرين من المثقفين في الغرب فهم أو قبول أن أيديولوجية إسلامية تسمح باستبعاد الفتيات وتجلد الزوجات غير المطيعات أو تحرض على قطع رؤوس الكفار.  ولكن الفقر أو الإمبريالية لا يمكنهم أن يجعلوا بعض الناس يحرقون غيرهم أحياء أو تجعلهم يخطفون الفتيات من المدارس ويبيعونهم في سوق العبيد بينما يقولون بأن الله أمرهم بذلك. لا يتسبب الفقر أو الغضب في أن يقوم بعض الناس بقطع رؤوس غير المسلمين وأن يسردوا عددا من آيات كتابهم المقدس كتبرير لذلك بل ويقومون بتصوير ما يقومون به من بشاعات.  وهؤلاء القادة والمثقفين على ما يبدو أنهم يربطون خطأ الإسلام السيسي بالقمع. فالإسلام السياسي ليس أيديولوجية ناتجة من القمع. وإنما هي أيديولوجية تتسبب في القمع. 

 

حتى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يبدو أنه أدرك أن الأعذار التي تطلق في جميع أنحاء العالم والقائمة على الدولة الدينية الإسلامية للعديد من الجرائم التي يرتكبها العالم الإسلامي إنما تمكن للمزيد من الاختطاف وقطع الرؤوس والقتل.  وبينما يقوم الليبراليون محبو السلام بإظهار دعمهم لحماس وأزالوا حماس من قائمة الإرهاب الأوروبية، انشغلت حماس بإظهار دعمها وتعاطفها بأسامة بن لادن وطالبان:  في 2005، قال الدكتور محمود الزهار عضو مؤسس في حركة حماس، "إن طالبان أكثر تسامحا ألف مرة من الاحتلال الأمريكي والمتعاونين معه. إننا لسنا نسخة من طالبان ... احكم علينا كما نحن. على الجميع أن يتوقفوا عن لوم طالبان على أشياء يتصف بها في الحقيقة الشعوب الغربية التي تريد أن تدخل المجتمع الدولي في مستنقع الفساد والانحطاط والدمار وأن تنشر العهر والأمراض باسم الحرية المطلقة." 

 

في 2011، قال اسماعيل هنية رئيس إدارة حماس في قطاع غزة: "إننا نعتبر هذا (مقتل أسامة بن لادن) استمرارا للسياسة الأمريكية القائمة على القمع وإراقة دماء العرب والمسلمين.. إننا ندين الاغتيال وقتل أحد المقاتلين العرب الأبطال. ونسأل الله أن يتغمده في رحمته وأن يجعله من الصديقين والشهداء."  

 

فلماذا الآن صارت حماس جماعة إرهابية مقبولة أكثر من داعش؟ هل لأنها تستهدف اليهود؟ وكيف للمتعاطفين الغربيين مع حماس أن يتيقنوا من أن نفس الجماعات الجهادية الإسلامية المتطرفة لن تستهدفهم "الكفار" في المستقبل وقد قالوا أنهم سيفعلون؟ 
فإذا ما كانت هذه الجماعات الإسلامية لا تقدر على القيام بمهامها في الوقت الحالي فإن هذا لا يعني أنها لا تريد ذلك. وإنما السبب في ذلك أنه ليست لديها القوة الكافية – على الأقل في الوقت الحالي.