الأهرام أون لاين: أحمد الإيبا
تأخذ مصر مكانها في تحالف عربي من عشر دول قد تدخلت في اليمن ضد الحوثيين والقوات المسلحة الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح. عندما بدأت العملية العسكرية "عاصفة الحزم" أنكرت وزارة الخارجية أي تدخل مصري في العملية. ولكن وخلال ساعات من الإنكار أعلنت مصر دعمها وصرحت بأنها سوف تساهم بقواتها البحرية والجوية وقات برية إذا ما تطلب الأمر. وقد أثار هذا التحول العديد من التساؤلات حول الالتزام المصري بالعملية. وهذه التساؤلا قد أجيبت على الفور من قبل أنباء عن أن أربع سفن مصرية قد وصلتا بالقرب من اليمن. غير أن الدول المصري المحدد في اليمن لا يزال غير واضحا. وقد أصدر الجيش تصريحات غير رسمية ولم تقوم القيادة المركزية للعملية في السعودية بتحديد أي أدوار يقوم بلعبها أي من دول التحالف.
ومما لا شك فيه أن العملية الحالية إنما تدعونا لتذكر التجربة المصرية في اليمن في الستينيات. وتساءل بعض المعلقين، ما هي النتائج التي أدت إلى المشاركة المصرية؟ هل تقوم مصر بتسديد ديون عليها نتاج الدعم السعودي والخليجي لها عقب 30 يونيو 2013 وهل الغرض من هذا التدخل هو حفظ أمن الخليج؟ أم أن التدخل المصري في المقال الأول هو لاعتبارات الأمن القومي المصري؟ والأهم من هذا، هو كيف ينظر اليمنيون إلى التدخل المصري؟ ووصف اللواء ناصر الطويل، المتحدث باسم جبهة المتقاعدين العسكريين في عدن، رد الفعل بين الأطراف العسكريين في اليمن حول المشاركة المصرية في التحالف بأنه أمر مرحب به. ويقول أن هذا استمرار للدور التاريخي المصري في اليمن لدعم ضحايا الظلم. وأضاف أن اليمينيين الجنوبيين عانوا من أيادي الرئيس السابق علي عبد الله صالح وهم الآن يعانون من أيادي مؤيدي المليشيات الحوثية وداعمي صالح.
ويقول الطويل، "ومن خلال الحوار الوطني اليمني والذي استمر عاما خدمت خلاله كمقرر للجنة العسكرية، حاول الحوثيين إقناعنا في الجنوب بأننا ضحايا الظلم داخل إطار عمل الوحدة. أما الآن فقد أتوا إلينا كمحاربين محتلين."
"كان أجداد هؤلاء الناس مسؤولون عن خسائر فادحة في صقوق الجيش المصري في الستينيات. فقد خسرت مصر ما يقرب من 22 ألف رجل في الحرب. غير أن الوضع الآن مختلف تماما. فقد صار الوضع أكثر أمنا لمصر لدخول الحرب. فمصر صار لديها قدرات أكبر وهي على دراية أكبر بما يحدث في اليمن. وكل التكتيكات التي تجري في اليمن تؤكد ذلك. فعمليات القوات البحرية المصرية في خليج عدن وباب المندب والمساهمة المصرية في القوات الجوية للتحالف تجعل من الواضح أن المعركة سوف تنتهي لصالح التحالف." وتمثل جبهة المتقعاعدين العسكريين 80000 جندي، وتعد بمثابة العمود الفقري للجيش الجنوبي والذي تم حله عقب الوحدة في اليمن عام 1994. غير أن المحاربين القدامى قد عادوا للظهور في 2007 كجزء أصيل من الحركة الشعبية المخولة بالدفاع عن حقوق الجنوبيين. ووفقا للطويل، فإن القوات الجنوبية تفتقر إلى السلاح المطلوب للدخول بشكل فعال على المعركة على الأرض ولكنهم نجحوا في تشكيل لجان مقاومة شعبية من أجل الدفاع عن عدن.
ويضيف الطويل أن السفن الإيرانية عند الساحل اليمني قد غادرت بعد أن أدركت أن ميزان القوى لا يصب في صالحها وأنهم ليسوا في وضع يسمح لهم بمواجهة التحالف العربي. وقال السياسي اليمني المقيم في عدن، شكيب حبيشي، أن نجاح البحرية المصرية في إغلاق الطرق البحرية أمام البحرية الإيرانية قد أنقذ عدن من السقوط في يد الحوثيين. وأضاف حبيشي قائلا، "من المهم لمصر الآن أن تقوم بتقوية دورها." "هناك قاعدتنا حيويتان على القوات المصرية السيطرة عليهما. والقاعدتان في أعالي الجبال ولم يستطع أحد الوصول إليهما بعد. فإذا ما استطاعت قوات التحالف السيطرة على القواعد فإنهم سوف يدخلون عدن."
ويحذر حبيشي من توقع لعب جبهة المتقاعدين العسكريين دورا في الصراع. "لقد تخلوا عن سلاحهم أكثر من 25 عاما ومع ذلك فبعضهم يمكنه أن يحارب إذا ما حصلوا على السلاح مرة أخرى وبعضهم من الممكن أن يأخذ السلاح لبيعه." ويؤكد حبيشي أن القوات المصرية وحدها يمكن أن تكون مقبولة في الجنوب. فلمصر مكانة احترام في ذاكرة الناس في عدن وجنودها مرحب بهم لأنهم دائما ما دعموا اليمن ولم يتم النظر إليهم يوما على أنهم محتلين. ووفقا لعبد العزيز الماجدي، مراسل الشؤون العسكرية في عدن، فإن القوات المصرية قد أمنت باب المندب والجزر القريبة منها.
"نجحت القوات المصرية في ضرب خطوط الإمدادات للحوثيين وهناك تقارير تقول بأن البحرية المصرية لا تزال تفجر القوافل الحوثية التي تحاول التحرك من أبين إلى عدن."
بالنسبة للكثير من اليمنيين الجنوبيين فإن القوات المصرية حاسمة في منع تقدم الحوثيين في الجنوب وسوف تلعب دورا مركزيا في تشكيل قيادة عسكرية لإدارة لإدارة البلاد حتى استقرار الأحوال وتحسن الظروف. ولكن ما هي وجهة النظر المصرية؟ وما هي الحسابات المصرية؟
إن أسباب مصر في الدخول في اليمن قائمة على تقييماتها لمصالح الأمن القومي، وذلك وفقا لخبير الاستخبارات اللواء حسام خير الله. ويقول، "إن مصر تدافع عن أمنها القومي والذي يتداخل مع الأمن القومي العربي الكبير." ويقول اللواء طلعت مسلم أن التدخل المصري في اليمن ودورها في الحملة الجارية لا يزال بحاجة إلى أن يتحول بشكل جيد. ويضيف أنه في هذا التوقيت لابد بشكل رئيسي من دعم أمن الخليج. ويحذر الرجل من دعم لا نقاش فيه للرئيس عبد ربه منصور هادي والذي يفتقر إلى الدعم الشعبي وأي دعم من قبل الجيش اليمني وهو قلق من أن ما يحدث سوف يقود الجيش اليمني إلى التدمير، "مثل الجيش الليبي والجيش السوري والعراقي."
وعلى ما إذا كان الوجود البحري المصري مطلوبا لحماية باب المندب والطريق البحري من قناة السويس وإليها، فإن اللواء مسلم واضح. "الأمريكيون والفرنسيون هناك بقواعدهم لحماية الطريق الملاحي الدولي والذي لا يمكن لأحد أن يسيطر عليه منفردا ولا حتى إيران. كما أن مضيق هرمز قريب من إيران ولكن إيران لا تقدر حتى على السيطرة عليه وهي تعرف ذلك جيدا. وأنا أؤمن أن باب المندب لا يخضع لأي تهديد."
وقال رئيس الأركان كمال عامر، قائد القوات المصرية خلال حرب الخليج الثانية والمدير السابق للمخابرات العسكرية، إن المشاركة المصرية في التحالف إنما تقوم على ثلاثة اعتبارات: "هناك سؤال عن الأمن القومي العربي وما يمثله للأمن القومي المصري ومستقبل اليمن كدولة عربية. وكل هذه الثلاثة مرتبطة بالحاجة إلى منع توسع النفوذ الإيراني في المنطقة العربية. إنني أقول هذا بوضوح وصراحة. إن تقويض النفوذ الإيراني بات شرطا أساسيا لحماية الأمن القومي العربي."