دي دبليو: بيتينا ماركس
يتولى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زمام الأمور في مصر منذ سنة تقريبا، وسيقوم قريبا بزيارة لألمانيا عقب دعوة من المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل قدمها له وزير الاقتصاد الألماني زيغمار غابرييل عند زيارته لمصر في شهر مارس/آذار من هذا العام. وبذلك تراجعت الحكومة الألمانية عن موقفها الداعي إلى أن الزيارة الرسمية للرئيس المصري لألمانيا لا بد وأن تأتي بعد إجراء انتخابات برلمانية في مصر. وكانت المحكمة الدستورية قد قامت عام 2012 بحل البرلمان وقضت مطلع شهر مارس/آذار الجاري بتأجيل الانتخابات البرلمانية في مصر إلى وقت غير محدد.
وفي برلين يسود التساؤل حول ما إذا كان الموقف الجديد مؤشرا لتحول في السياسة الألمانية اتجاه مصر. وجاءت زيارة فولكر كاودر، رئيس الكتلة البرلمانية للاتحاد الديمقراطي المسيحي لتأكيد هذا الطرح. وبعد لقاءه الرئيس عبد الفتاح السيسي لنحو ساعتين، صرح كاودر بأن ألمانيا ترى في مصر شريكا لا غنى عنه ومرساة للاستقرار في الشرق الأوسط. وأوضح كاودر في مقابلة مع صوت ألمانيا أن زيارته كانت لاعتبارات اقتصادية أيضا، مشيرا إلى أن "الحكومة المصرية تريد جذب المزيد من المستثمرين الألمان إلى البلاد". وناشد كاودر السياسيين بدعم هذه الجهود. انتقاد جولة كاودر الشرق-أوسطية
بيد أن جولة فولكر كاودر إلى الشرق الأوسط صاحبتها انتقادات كثيرة، إذ وصف حزب اليسار المعارض زيارة كاودر ونائب المستشارة زيغمار غابرييل إلى المنطقة بأنها زيارة "تافهة". وجاء على لسان النائبة كريستين بوخهولتس أن العلاقات الاقتصادية أهم بكثير بالنسبة للحكومة الألمانية من ملف حقوق الإنسان.
أما خبير السياسة الخارجية في حزب الخضر النائب أوميد نوريبور، فطلب من المستشارة ميركل تقديم تفسيرات عن أسباب هذا التغير في السياسة الألمانية تجاه مصر. وأكد أن التراجع عن شرط زيارة السيسي بإجراء الانتخابات البرلمانية، كشرط مسبق، لن يحفز الرئيس المصري على الالتزام بإجراء انتخابات ديمقراطية. وقال نوريبور في مقابلة مع صوت ألمانيا إنه لا يرفض تواصل المحادثات المباشرة مع السيسيإن هي أخذت على محمل الجد وكانت تصب في خدمة الديمقراطية. وأكد على ضرورة أن تربط الحكومة الألمانية عرضها بالتعاون المشترك مع أخذ التزامات من الطرف الآخر تخدم المشهد السياسي في مصر وتعمل على "عدم قمع وسائل الإعلام وإنهاء الرقابة الإعلامية وإطلاق سراح السجناء السياسيين".
في المقابل، أعرب خبير الشرق الأوسط في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، رولف موتسينيش، لـصوت ألمانيا عن تفهمه لجولة فولكر كاودر إلى الشرق الأوسط التي كانت ترمي بالأساس إلى "تفقد أوضاع المسيحيين في أرض النيل". لكن الأخير أكد في الوقت ذاته أنه كان من الواجب دعوة السيسي لزيارة رسمية إلى برلين إلا بعد إجراء انتخابات ديمقراطية في مصر. وقال موتسينيش: "أعتقد أنه يجب علينا عدم تكرار نفس أخطاء الماضي والبحث فقط عن شريك يحافظ على الاستقرار في المنطقة. ولا ننسى أن هذا كان على حساب مصداقيتنا في الماضي". ويطالب موتسينيش إلزام السيسي باحترام حقوق الإنسان وخير مثال على ذلك لو قام الرئيس المصري "بالعفو عن المحكوم عليهم ظلما في المظاهرات".
الاضطرابات في اليمن
وفي ذات السياق، انتقد نائب حزب الخضر، أوميد نوريبور، أيضا سياسة برلين اتجاه الوضع في اليمن، واصفا حقيقة أن ألمانيا تقف إلى جانب السعودية في هذا الصراع بـ"الأمر السخيف". وقال نوريبور إن الوضع في اليمن معقد ولا يمكن حله عن طريق تدخل عسكري من الخارج، وأن دعم الحكومة الألمانية للسعودية "أهدر" عليها لعب دور الوسيط في هذا النزاع لاسيما وأن برلين تحظى بمكانة متميزة في صنعاء بفضل التعاون الإنمائي الوثيق الذي يجمع البلدين.
ووصفت وزارة الخارجية الهجمات الجوية السعودية على مواقع المسلحين الحوثيين في اليمن بالمشروعة، وقال مارتين شيفر، المتحدث باسم الخارجية: "هذا أمر مشروع وفقا لقواعد القانون الدولي خصوصا عندما يطلب رئيس دولة منتخب ديمقراطيا، المساعدة من المجتمع الدولي". في المقابل، يشير رولف موتسينيش، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي في الائتلاف الحكومي، أن السعودية "مسؤولة" بشكل كبير عن الفوضى في البلد الجار. وأضاف أن الرياض ترى في الحوثيين عملاء لغريمتها التقليدية طهران التي يجب وقف هيمنتها في المنطقة. لكن الصراع في اليمن ليس في المقام الأول والأخير حرب بالوكالة بين الرياض وطهران خلاف كونه نزاع داخلي يمني قد تنامى ليصبح وضعا مقاربا للحرب الأهلية. صرح موتسينيش " تمتلك اليمن تركيبات معقدة جدا ذات تاريخ طويل".
حيرة في السياسة اتجاه العراق
أما الوضع في العراق فهو أكثر تعقيدا، وحسب نائب حزب الخضر، أوميد نوريبور، فإن الحكومة الألمانية فشلت في تحقيق الاستقرار في بلاد الرافدين. ألمانيا زودت المقاتلين الأكراد بالسلاح في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية لكن قوات البيشمركة تستخدم هذه الأسلحة الآن لإخلاء كركوك من السنيين. ويقول نوريبور: "الرسالة إلى السنيين واضحة، نحن لا نريدكم. وأنا أرى أن هذا أمر فظيع وخيم العواقب". ويرى نوريبور أن مستقبل العراق "رهين بدمج السنيين في هياكل السلطة التي يهيمن عليها الشيعيون في البلاد، وإدماج السنيين سيؤدي حتما إلى استقراره والقضاء على تهديد تنظيم الدولة الإسلامية".
وتنتاب رولف موتسينيش، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي في الائتلاف الحكومي، حيرة بشأن كيفية معالجة الأزمة العراقية لوقف زحف الإرهابيين وإنهاء الحرب الأهلية. وقال إنه تتبع تزويد مقاتلي البيشمركة بالسلاح بريبة، خاصة وأن اليزيديين المهددين تم إنقاذهم من قبل مقاتلي حزب العمال الكردستاني المحظور وحزب الاتحاد الديمقراطي السوري وليس من قبل مقاتلي البيشمركة. في الوقت الراهن، لا يمتلك موتسينيش الإجابة عن الطريقة الأفضل لمقاتلة "الدولة الإسلامية".