ذا ماركر: النظام الحديدي للسيسي أعاد المستثمرين لمصر

 7 يونيو  2015

 

في أي دولة حققت البورصة العائدات الأفضل لحملة الأسهم في 2014؟ رغم الصعوبات الاقتصادية والتقلبات السياسية، نجحت البورصة المصرية في التغلب على كافة منافسيها، بارتفاع وصل إلى 30٪ تقريبا من حيث القيمة الدولارية.

 

تدفق المستثمرون قاقلين إلى السوق إيمانا منهم أن عبد الفتاح السيسي، الرئيس المصري القوي، سوف يعيد النظام للبلاد بعد سنوات من الاضطرابات والانقلابات التي خربت الاقتصاد. السيسي رسخ حكمه وقمع بالقوة أي معارضة. حكمه القوي وبرنامج التنمية الاقتصادية الذي تبناه جذب استثمارات إيجابية. يزعم الرئيس أنه يجب التضحية بالحريات على الأقل في الوقت الراهن، يحتمل أن يكون قد شعر أن موقفه قد تعزز.

 

تشير معظم المؤشرات في مصر إلى السير في الاتجاه الصحيح، حيث ارتفع النمو الاقتصادي بمعدل سنوى 5.3٪ في النصف الثاني من عام 2014، مقابل معدل سنوي 1.2٪ فقط في الفترة الموازية من العام الماضي. ورغم أن البطالة لا تزال مرتفعة 13٪، لكنها آخذة في الانخفاض.

 

قد تكون عودة المستثمرين هي أفضل علامة للتجديد. فقد ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة حوالي 140٪ مقارنة بالعام الماضي، رغم أن نقطة انطلاقها كانت منخفضة. ومع عجز في الموازنة يقدر ب11٪ من الناتج المحلي، ونسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي تقترب من 95٪، فإن الحكومة المصرية بحاجة لأموال أجنبية.

 

نقلت دول الخليج الفارسي الداعمة للسيسي 12.5 مليار دولار على شكل مساعدات واستثمارات. لكن الرئيس أيضا تودد إلى مستثمرين يرغبون في الربح، عندما ادعى أنه أعاد الاستقرار لمصر. أعلن السيسي خلال المؤتمر الذي عقد في مارس الماضي عن التزامات تصل لمليارات الدولارات معظمها لقطاعات الطاقة والعقارات. عملاقة النفط البريطانية BP قالت عن مشروعها الجديد الذي يقدر ب 12 مليار دولار إنه يمثل التصويت على الثقة لمناخ الاستثمارات في مصر ".

 

تعهدت كوكا كولا باستثمار مبلغ نصف مليار دولار في مصر في غضون ثلاث سنوات. وزادت ماجد الفطيم شركة تجزئة من دبي استثماراتها في مصر بمبلغ مماثل. ورفت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف مصر في أبريل الماضي.

 

الكلام سهل والفعل صعب

 

يفضل المستثمرون الاصلاحات السيسي الاقتصادية والتي تتعلق بالموازنة، حيث قلص دعم الوقود وقلل بذلك العجز وسمح لمصر بدفع المزيد للحصول على الوقود. هذه الخطوة، بالإضافة إلى دفع ديون قديمة جذب شركات مثل BP للعودة مجددا لقطاع الطاقة. تأمل الحكومة في ان تخفف الاستثمارات الجديدة انقطاع التيار الكهربائي، الذي تسبب في الضرر لاستثمارات في قطاعات أخرى. كذلك وافق السيسي على خطوات تهدف إلى تقليص البيروقراطية، وتحسين الشكل الذي يجرى من خلاله حل الصراعات القضائية المتعلقة بالشركات.

 

لكن مازال أمام الرئيس الكثير من العمل. فمصر الآن تصنف فقط في المركز 112 وفقا لمؤشر "سهولة ممارسة أنشطة الأعمال" التابع للبنك العالمي، بعد دول مثل زامبيا وسوازيلاند. ويعترف وزير الاستثمار المصري أشرف سلمان بأن على المستثمر الساعي لإنشاء شركة الحصول على موافقات من 78 جهة مختلفة، في عملية قد تستغرق خمس سنوات. تعهدت الحكومة بإنشاء جهة واحدة تتولى عملية منح جميع الموافقات، لكن هذا سوف يحدث فقط نهاية العام القادم. إصلاح البيروقراطية هو أمر يسهل الحديث عنه مقارنة بتحقيقه، على حد قول كريم عواد من بنك الاستثمار المجموعة المالية هيرميس.

 

المشكلة..منظومة الصرف الأجنبي

 

علاوة على ذلك، هناك موضوع عدم اليقين بشأن مسالة الضرائب. تعهدت الحكومة بتقليل نسبة الحد الأقصى للضريبة للأفراد والشركات ل22.5٪ خلال العشر سنوات المقبلة. خلال العام الماضي ارتفعت النسبة من 25٪ إلى 30٪، على مالا يبدو لمدة 3 سنوات. كما يشكو المستثمرون من ضريبة جديدة بقيمة 10٪ على أرباح الأسهم وأرباح رأس المال.

 

مشكلة الصرف الأجنبي يتوقع ان تكون معضلة. منذ اندلاع ثورات الربيع العربي تعاني مصر من عجز في الدولارات، على خلفية انخفاض في النظام المصرفي والاستثمارات الأجنبية. لذلك، عندما بدا أن الجنيه المصري قوي للغاية، بدا تجار السوق السوداء في بيع الدولار بسعر مرتفع.

 

حتى يتسنى وضع حد للتجارة غير الشرعية، سمحت الحكومة بإضعاف الجنيه المصري وفرضت قيودا على إيداع وسحب الأموال بالدولار. لكن إنخفاض قيمة اليورو، عملة أكبر شريك تجاري لمصر، يرفع مجددا قيمة الجنيه المصري، ويعيد تجار السوق السوداء إلى الأزقة.

سمحت مصر بإضعاف الجنيه ب8٪ العام الماضي، لكن عملات دولتين من منافسيها، تركيا والمغرب انخفضت ب 20٪ ما جعل منتجاتهما وخدماتهما أكثر فاعلية من حيث التكلفة. تحظى هذه الدول بتصنيف أعلى بكثير من مصر بمؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال 155 و 71 على التوالي. المغرب التي تتمتع بأجور عمالة منخفضة و نقل جيد (مثل مصر)، جذبت استثمارات كبيرة في مجال الصناعة بفضل حوافز ضريبية سخية.

 

هناك من يشيرون أيضا إلى أن الحكم السلطوي لا يعني الاستقرار. فقمع السيسي للمعارضة دفعها للعمل السري. وتتزايد المخاوف الامنية، في ظل هجمات متفرقة ليس فقط بسيناء (هناك الجهاديون هم الأكثر نشاطا)، بل أيضا في القاهرة.

 

يتوقع ناشطون المزيد من انعدام الراحة، إلا في حال خفف السيسي قبضته. لكن ليست هناك إشارات على إمكانية حدوث ذلك: في مارس أجل الرئيس الانتخابات لموعد غير معروف، وانعدام اليقين دفع ببورصة الأسهم إلى أقل مستوياتها في أربعة شهور، في الشهر الماضي.