إسرائيل اليوم: الشرق الأوسط النشط

إسرائيل اليوم: إيال زيسر

 

إن تشكيل تحالف عربي تقوده السعودية ومصر في إطار جهود منع اليمن من أن تصير موقعا بعيدا لإيران عن القاهرة والرياض، إنما شكل من أشكال التوجه الجديد والذي يعكس صحوة عربية لم يشهدها العرب منذ سنين.  ومع ذلك فإن هذا لا يقدم شرقا أوسطا جديدا بعيدا عما نشهده الآن. فالحرب الأهلية في اليمن والتي تدخلت مصر والسعودية بها إنما هي أخبار قديمة تأخذنا إلى الماضي 50 عاما عندما قامت نفس القبائل بمحاربة بعضها البعض وقد كان هذا الصراع في بداية الستينيات. وفي ذلك الوقت كان الرئيس المصري جمال عبد الناصر يحاول أن يستغل الفوضى في اليمن من خلال إرسال جنود إليها. 

 

وقد انتهى الأمر بناصر بالغرق في المستنقع اليمني وفشله هناك ومن ثم عاد الجيش لينهزم في حرب الستة أيام 1967 وهو ما أدى لإنهاء الناصرية في العالم العربي. ربما يفترض أحد أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على دراية بهذه الحقبة التاريخية. على الرغم من هذه الذكريات المريرة قرر العرب أن يتخذوا موقفا لأسباب ثلاثة رئيسية:

 

الأول متمثل في التهديد الإيراني. قررت مصر والسعودية أن تقوم بما لم تجرؤ إسرائيل، في هذا الوقت، بفعله على حدودها الشمالية والجنوبية وهو ما أوقف تشكيل قاعدة إيرانية بالقرب منهم.  وكلاهما يرى أن إيران تريد أن تحول اليمن إلى "حماستان" أو  "حزب الله استان" وهو الأمر الذي سيظل يهدد السعودية ومصر كما يهدد إسرائيل. ارتأت الرياض والقاهرة أن توقف طهران قبل أن يصير الوقت متأخرا للغاية. 

 

أما السبب الثاني فهو خيبة الأمل في الولايات المتحدة والشعور بأن واشنطن لم تعد ترى طهران مصدرا لكل المشكلات في الشرق الأوسط وإنما العكس تماما – فهي الآن ترى إيران جزءا من الحل وكشريك محتمل في الحرب على القاعدة والدولة الإسلامية.  في الحقيقة، وبينما اتفاق حول البرنامج النووي مع إيران يلوح في الأفق بالرغم من الصعوبات التي ظهرت في آخر دقيقة والأزمات، يبدو أن الولايات المتحدة ترغب في قبول الدور الإيراني في العراق وسوريا واليمن وذلك فقط من أجل استئصال ما تراه واشنطن تهديدا رئيسيا – القاعدة والدولة الإسلامية.  وبينما يرى العالم العربي الكيانين (القاعدة والدولة الإسلامية) كجماعات إرهابية فإن إيران هي التي تفرض التهديد الخارجي وهذا أيضا هو السبب وراء خوف العرب وقلقهم من إمكانية هجر واشنطن لهم أو أن تقوم بالسماح لإيران بتعزيز نفوذها الإقليمي على حساب العرب. 

أما السبب الثالث فهو الشعور بالتجديد في العالم العربي وذلك عقب الصعود إلى السلطة من قبل الملك سلمان النشط نسبيا (ملك السعودية) وكذلك السيسي في مصر.  هذه هي الأسباب الرئيسية وراء تشكيل التحالف العربي ولكن المصريين والسعوديين يعرفون جيدا حدودهم.  إن الحملة ضد الحوثيين في اليمن إنما هي تحرك تقوده السعودية ومصر وهناك دول عربية أخرى تريد الدخول فيه ولكن ليس بالضرورة إلى حد إرسال قوات للقتال على الأرض. والأكثر من ذلك، أن الرياض والقاهرة يعرفان أن قتال أهداف بعيدة المنال – عصابات قبلية وليس جيشا نظاميا – إلى جانب الصعوبات الأخرى والطبيعة الجبلية إنما هي مهمة شبه مستحيلة. وهذا هو السبب في اقتصار هجوم التحالف في اليمن على الضربات الجوية ولذلك فإن تحرك على الأرض سوف يكون محدودا أيضا. 

 

وهذا الهجوم من شأنه أن يردع إيران وقطع الصلة البحرية والجوية بين كل من طهران ومؤيديها في اليمن وتقويض الحوثيين وحلفائهم وتزويد القوات المعتدلة في اليمن بالمساعدة والدعم اللازمين للسيطرة على البلاد.  إن الشرق الأوسط يبدو وكأنه مسرح يبدو فيه الحكام العرب راغبين في أخذ زمام المبادرة ومحاربة التهديد الإيراني والتصدي للفوضى المنتشرة في المنطقة وهذا موقف يتماشى مع ما تريده إسرائيل.