إفتتاحية نيويورك تايمز: التحريض على الدكتاتورية في مصر

19 مارس 2015

تفاخر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بينما كان يستضيف رجال الأعمال وكبار الدبلوماسيين في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي الذي انتهت فعالياته الأحد الماضي، وهو الحدث الذي كان يهدف لإظهار أن أكثر بلدان العالم العربي من حيث عدد السكان تخلصت من الاضطرابات التي نجمت عن انتفاضة 2011 الشعبية التي وضعت مصر وبشكل مؤقت على مسار نحو الإصلاح الديمقراطي.

أما مصر ما بعد الثورة فقد أصبحت منفتحة على الأعمال، حسبما أعلن مسئولون مصريون عن ذلك بفخر، ومع إرسال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى ذلك الحدث، بدت إدارة الرئيس باراك أوباما تواقة للتعبير عن دعمها لنوايا الحكومة المصرية في جذب استثمارات أجنبية جديدة وكبيرة.

وقال كيري للصحفيين خلال وجوده بشرم الشيخ: "كيف ستتطور مصر في السنوات المقبلة وكيف ستنجح، جميعها أشياء سيكون لها أثر عميق على المنطقة بأسرها"، أما مسئولو الإدارة الأمريكية الكبار فيرون مصر حليفا لا يمكن الاستغناء عنه في الحملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" فضلا عن أولويات السياسة الخارجية الأخرى في المنطقة.

لكن حملة الحكومة المصرية على الحركات الإسلامية، بما فيها المعتدلة منها التي تدين استخدام العنف، فمن الممكن أن تؤدي للمزيد من التشدد في المجتمعات التي لا تجد سبيلا لتحقيق المزيد من أهدافها وأن تعرب عن شكواها.

منذ أن تولى السيسي السلطة في يوليو عام 2013، في أعقاب موجة من الاحتجاجات ضد أول رئيس منتخب ديمقراطيا الإسلامي محمد مرسي، أصبح واضحا بشكل متزايد أن الحكومة المصرية ليست لديها النية لبناء مؤسسات ديمقراطية أو حتى تقبل وجهات النظر المعارضة.

منظمات المجتمع المدني والمؤيدة للديمقراطية تم تهديدها وتعرضت للإغلاق، ومورست الرقابة المشددة على وسائل الإعلام فضلا عن حظر الاحتجاجات، وتم حبس جميع قادة جماعة الإخوان المسلمين تقريبا، وهي الحركة الإسلامية التي أصبحت القوى السياسية المهيمنة في البلاد بعد احتجاجات الربيع العربي.

وفي الوقت الذي أعرب فيه مسئولون أمريكيون عن قلقهم إزاء هذه التوجهات، يستمرون في إمداد مصر بـ1.3 مليار دولار في صورة مساعدات عسكرية بشكل سنوي واتخذوا خطوات متواضعة فقط ووضعوا شروطا لتقديم المساعدات من بينها إدخال تحسينات على الحكم الديمقراطي.

 في أغلب الأوقات، يعبر المسئولون عن أملهم في أن يتم إحراز تقدم، في حين يتجاهلون مستوى من الوحشية والقمع أسوأ مما كانت عليه في عهد حسني مبارك.

حكومة السيسي، الحريصة بشكل واضح على الاستثمارات الأجنبية، تريد أن تظهر كحكومة منتخبة بشكل شرعي وتلعب دورا بناء في المنطقة، لكن الأمر الذي ظهر بوضوح هو أن مصر أصبحت ديكتاتورية تبرر انتهاكاتها تحت ذريعة احتواء التهديدات المفروضة من المتشددين الإسلاميين.

الأمثلة على ذلك الطرح كثيرة من بينها الانتخابات البرلمانية، التي كان مقررا لها أن تُعقد خلال الشهر الحالي، وتم تأجيلها لأجل غير مسمى، والصحفيون الذين يقبعون في السجون والمحاكم التي فرضت أحكام إعدام جماعية في أعقاب إجراءات قضائية استمرت لعدة دقائق فقط.

وفي الوقت الذي أثار فيه بعض المشرعين الأمريكيين القلق وسعوا لقطع حزمة المساعدات العسكرية في السنوات الأخيرة أو وضع شروط عليها، فقد خذلهم أولئك الذين يفكرون في أن الوقوف إلى جانب نظام السيسي هو شر لابد منه في ذلك الجزء المتقلب من العالم.

في العام الماضي، أعطى الكونجرس البيت الأبيض سلطة للإبقاء على وصول المساعدات العسكرية لمصر دون الحاجة للتصديق على أن حكومة القاهرة تحترم حقوق الإنسان وتتخذ خطوات نحو الحكم ديمقراطي، وهي الشروط التي كانت في مشروع قانون الإنفاق السابق، ولأول مرة، أعطى المشرعون لوزارة الخارجية الحق في الإبقاء على سرية مبرراتها لتوزيع المساعدات.

وقال مسؤولون في الإدارة الأمريكية إن كيري يفضل مواصلة المساعدات العسكرية وينتظر القرار النهائي من البيت الأبيض، وإذا تم تمديد المساعدات، فإن الولايات المتحدة ستكون محرضة على الأعمال الوحشية في مصر كالمعتاد.