أصدر مركز "كارنيجى" للدراسات ورقة بحثية مطولة عن مستقبل الاخوان المسلمين والاسلام السياسى بمصر للباحث أشرف الشريف وكان من أهم ماورد بهذه الدراسة:
تُلقي الاضطرابات التي تشهدها مصر – الصراع الاجتماعي والاستقطاب والعنف - بظلالٍ من الشك على احتمالية حدوث تكامل بين القوى الإسلامية في مصر مستقبلاً، بالإضافة إلى قدرة النظام المصري على تحقيق الاستقرار السياسي. ويُشير تغيير الآليات الداخلية والخارجية للمنظمات الإسلامية إلى خمسة سيناريوهات مُحتملة لمستقبل جماعة "الإخوان المسلمين"، وسيكون لمسار الجماعة آثارًا واسعة النطاق على الإسلام السياسي وإرساء الديمقراطية في مصر.
السيناريوهات المستقبلية المُحتملة:
- سيظل النظام المصري حريصًا على قطع دابر جماعة الإخوان حتى في ظل افتقاره إلى الوسائل التي تمكّنه من ذلك. في المقابل ستواصل الجماعة التصدي للحملة القمعية التي لا ترحم من قبل النظام؛ والتي تشمل اعتقالات تعسفية وتجميد أصول مالية ومواجهات عنيفة.
- تعود جماعة الإخوان إلى الحياة السياسية في مصر بتحقيق انتصارٍ عن طريق كسب دعم شعبي، مُستعينةً في ذلك بالاحتجاجات المستمرة التي "تهز" أركان النظام.
- يتفاوض الإسلاميون مع النظام لعودتهم للحياة السياسية بنفس الطريقة التي كانوا عليها إبان فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك؛ وتتمثل في المشاركة السياسية للإخوان داخل إطار من خطوط حمراء يحددها النظام.
- تنقسم جماعة الإخوان إلى قسمين رئيسيين؛ قسم يضم المعتدلين الذين يرون أن السياسة التقليدية للجماعة شديدة الصدامية بينما القسم الثاني يضم المُتشددين الذين يرون أن السياسة الحالية للجماعة شديدة التوافق، ولا يشوبها سوى بعض الأخطاء الفكرية.
- تعترف الجماعة بإخفاقاتها فيما يتعلق بالاحتجاجات الحالية، وتنسحب من العمل السياسي، وتركز على تجديد فكرها داخليًا.
الآثار المترتبة على المُجتمع المصري
ليس من المعروف بعد أيٍ من هذه السيناريوهات الخمسة لمستقبل الإخوان سينزل على أرض الواقع، وذلك في ظل إصرار النظام القديم على القضاء على الإخوان تمامًا، وإصرار الإخوان على عدم السماح بعودة النظام القديم. عدم تحقق أيٍ من هذه السيناريوهات الخمسة قد يجبر النظام والإسلاميين على اللجوء لخيارات أخرى؛ لاسيما المصالحة. وحتى اللحظة فإنه على المدى القريب والمتوسط، فإن المصالحة أو التفتت أو التجديد لا تزال خيارات غير واردة.
وأثبتت جماعة الإخوان أنها أكثر مرونة مما كان يُعتقد في السابق، وهو الأمر الذي يجعل الإسلام السياسي قوة مُعتبرة في السياسة المصرية في المستقبل القريب. وسيتطلب صعود سياسات ما بعد الإخوان إنهاء السياسات السُلطوية للدولة القديمة، كما يتطلب تنمية اقتصادية، وإصلاحات دينية، وتأسيس حركات ديمقراطية تشاركية بخلاف الحركات الموجودة حاليًا على الساحة.
اﻵليات الحالية لا تُبشر بمستقبل ديمقراطي في مصر، وأي مسار نحو تغيير سياسي واجتماعي ديمقراطي في مصر لن يكون مُرحّبًا به من جانب الدولة القديمة أو الإسلاميين الذين لا يزالون غير راغبين في المشاركة مع الأطراف الفاعلة الأخرى أو تبنّي فكر ديمقراطي جديد، وهو ما يجعل كلا الطرفين جزءًا من الأزمة الحالية أكثر من كونهما جزءًا من حلها.
مقدمة
هل انتهى الإسلام السياسي في مصر؟ الكثير من المحللين يطرح هذا السؤال بعد التغير الدراماتيكي في حظ جماعة الإخوان المسلمين في مصر؛ والذي بدأ 2013م. بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في 3يوليو 2013م سقطت من النعمة، وخسرت ليس فقط الرئاسة لكن السيطرة على البرلمان والدستور الذي وضعته. حملات النظام الدموية تعاقبت على الجماعة لتصل لذروتها عندما قامت الحكومة المؤقتة بعد مرسي بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية في 25 ديسمبر 2013م.
تصرفات جماعة الإخوان المسلمين على مدار تلك الفترة كانت عبارة عن رد فعل عشوائي يفتقر إلى تحديد الهدف ووجود استراتيجية متماسكة. في الواقع، يواجه الإخوان الآن تحديًا كبيرًا لإحداث التحولات اللازمة لمعالجة المطالب الشعبية التي تلوح في الأفق السياسي الشامل والتعددي والمنادي بالمساواة بشكل أفضل.وأخفقت جماعة الإخوان المسلمين في هذا التحدي على مدار السنوات الثلاث الأخيرة، وأصبح من غير الواضح ما إذا كانت الجماعة ستنجح في المُضي قُدمًا. وحتى إذا نجحت الجماعة التي ما تزال متماسكةً فإن قدرتها على المحافظة على وحدة الهدف والصف على المدى البعيد، بالإضافة على جذب الإسلاميين الآخريين يبقى محل نظر باستمرار.
ما يحدث للمنظمات الإسلامية المصرية مثل جماعة الإخوان المسلمين يعتمد على العوامل الهيكلية خارج سيطرتها؛ والتي تشمل سياسات الدولة تجاه الإسلاميين، والتماسك الداخلي للنظام، والسياق الإقليمي. وعلى الرغم من أن المنظمات الإسلامية تواجه أزمات متزايدة لا يمكن تخطيها، إلا إنهم يبقون بعيدين كل البعد عن الانتهاء، وقادرين على الحفاظ على كيانهم بشكل مقبول. مستقبل الإسلام في مصر لا يعتمد فقط على عوامل خارجية، لكن أيضًا على طريقة تعاطي الإسلاميين أنفسهم – خاصة المدى الذي يقبل عنده الإسلاميون التفاهم، ويستعدون للدخول في عملية جادّة من المراجعة الفكرية والأيدلوجية.
بطريقة أخرى؛ ربما تشهد مصر ميلاد حُقبةٍ جديدة من الإسلام السياسي أكثر سهولة من ذي قبل في طبيعة الأيدلوجية. لقد أصبحت الحدود الفاصلة بين المراكز والأطراف غير واضحة، والتحولات داخل جماعة الإخوان المسلمين تعكس اختلافات كبيرة بين الأجيال. بعض الأطراف تقوم بعملية تحليل ذاتي للأيدلوجية بشكل جاد، بينما العديد باقٍ على أصله يمارس الاستقطاب والشعبوية والتشدد والنقد المتعجرف.
الإخوان المسلمون في مصر هي بمثابة دراسة حالة مفيدة لمعرفة التحوّل في الآليات الخارجية والداخلية للمنظمات الإسلامية المصرية. الحالة الراهنة للإخوان المسلمين ومسارها المستقبلي سيكون له آثارًا واسعة النطاق على الإسلام السياسي وإرساء الديمقراطية في مصر.
للحصول على الدراسة مترجمة كاملة اتصل بالموقع على الايميل التالى [email protected]