جيريمي هاموند: 23 مايو، 2015
قامت وكالة فرانس برس بتبييض دور الولايات المتحدة في مساندة الانقلاب الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي، ومؤخرا الحكم عليه بالإعدام. وقد ذكرت وكالة الأنباء أن إدارة أوباما قد عبرت عن "قلقها" بشأن الحكم على مرسي بالإعدام. ونقلت انتقاد وزير الخارجية للحكم لأنه "لا يتفق مع تعهدات مصر بموجب القانون الدولي". ثم تقول: "ضعفت الروابط بين واشنطن والقاهرة بعد الإطاحة بمرسي، مع قيام إدارة الرئيس باراك أوباما بتجميد المساعدات السنوية للقاهرة وقيمتها 1.3 ملاير دولار. وقد تمت استئناف المساعدات مرة أخرى في 2014 ". وهذا القول هو محض خيال. لم "تضعف" العلاقات بين واشنطن والقاهرة بعد الإطاحة بمرسي. ولم تجمد إدارة أوباما المساعدات العسكرية السنوية بقيمة 1.3 بليون دولار. وأنا أناقش ما الذي حدث بشكل حقيقي في كتاب قادم عنوانه "العقبة أمام السلام: دور الولايات المتحدة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني". وهنا بعض المقتبسات المرتبطة بذلك:
الدفاع عن الوضع الراهن
بذل الرئيس أوباما أقصى جهده من أجل إدارة التصورات في خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 سبتمبر 2011. ولقد كانت المسألة الأساسية هي تأييد الولايات المتحدة للديمقراطية في العالم العربي. وذكر أمثلة على ذلك، عندما استخدمت الولايات المتحدة القوة بشكل غير قانوني للإطاحة بنظام القذافي في ليبيا وتأييدها للثوار المسلحين الهادفين للإطاحة بنظام الاسد في سوريا. ثم تطرق إلى الحالة المصرية، حيث أن العالم شاهد "الوجه الأخلاقي للا عنف" "وعرف أن التغيير قد حان". ولم يذكر كيف أجبرت الثورة المصرية الولايات المتحدة على التخلي عن سياستها التي استمرت ثلاثة عقود وهي مساندة ديكتاتورية الرئيس مبارك، أو كيف استمرت سياسة مساندة مؤسسة الجيش المصري بدون انقطاع.
وبالفعل، أيدت بالتالي إدارة أوباما الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي، الذي انتخب بشكل ديمقراطي في يونيو 2012. وعقب الإطاحة بمرسي في 3 يوليو، 2013، استمرت إدارة أوباما في تقديم المساعدات السنوية وقيمتها 1.5 بليون دولار بشكل غير قانوني، حيث ذهبت معظمها إلى الجيش، برغم القانون الأمريكي الملزم بأن تتوقف المساعدات التي تقدم لأي حكومة قامت بانقلاب. [ب] واستمر الجيش المصري في حملة القمع العنيفة على المتظاهرين ضد الانقلاب، مما أدى إلى حدوث مذبحة ووفاة أكثر من ستين شخص في 8 يوليو. وفي يوم 25 يوليو، أعلن البيت الأبيض عن قراره بشكل رسمي بأن تستمر المساعدات. ولقد ذكرت صحيفة نيويورك تايمز "أن من ضمن المخاطر المحتملة" التي يدركها مسئولو الحكومة في حال توقف المساعدات العسكرية، هي "الحد من قدرة الجيش المصري على وضع حد لتهريب الأسلحة لحماس، التي قد تستخدمها ضد إسرائيل وإن. برنامج المساعدات يعد أحد دعائم معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، وقد حث مسئولو إسرائيل الولايات المتحدة ألا تعلق تلك المساعدات.
وبعد يومين، قتل الجيش أكثر من سبعين متظاهر في القاهرة، مما رفع عدد القتلي لأكثر من 200 شخص منذ الإطاحة بمرسي .. وبعد ذلك، هدد الجنرالات بسحق الاعتصامات الموجودة في عدة ميادين في المدينة، والتي تعتبر منبع "للإرهاب". وعبرت صحيفة نيو يورك تايمز عن تأييدها لسياسة الولايات المتحدة، مع ظهور مذبحة أخرى تلوح في الأفق، وأقروا "أن المساعدة العسكرية الأمريكية لمصر يجب ألا تتوقف." أعلن وزير الخارجية جون كيرري (الذي حل محل كلينتون في فبراير 2013)، مدافعا عن سياسة الولايات المتحدة، بأن الجيش المصري كان يعمل على "استعادة الديمقراطية". وقد كانت النتائج المتوقعة هي المذبحة الثالثة التي بدأت يوم 15 أغسطس واستمرت لعدة أيام. تخطت حصيلة الوفيات 1000، والتي وصفتها صحيفة نيويورك تايمز "بالضربة المتوحشة" و "أسوء حدث لإراقة الدماء في تاريخ مصر الحديث."
وقد أشارات الصحيفة بذكاء كيف "شعر اللواءات المصريين بلامبالاة عند تجاهل دعوات المسئولين الأمريكيين بإطلاق سراح السجناء السياسيين والتواصل الدبلوماسي مع المعارضة وأنهم" لن يدفعوا ثمنا باهظا بحساباتهم غير المكترثة-وقد تم تدعيم هذا الاستنتاج عندما كان رد الرئيس أوباما هو إلغاء التدريب العسكري المشترك من دون توقف المساعدات السنوية التي تبلغ قيمتها 1.5 مليار دولار. وكان رد إدارة أوباما على المذبحة هو التأكيد مرة أخرى على أن المساعدات العسكرية المصرية لن تتوقف بموجب القانون الأمريكي، مما شجع المجلس العسكري على تمديد حملة القمع لتضمن إلقاء القبض على" المعارضين "كالنشطاء السياسيين والصحفيين حيث قالت نيويورك تايمز عن ذلك أنه "يعد تهديد قاسي،" وأضافت أن "أي مصري لن يشعر بالأمان إذا تجرأ وتحدى السلطة."
وقد دفعت المذبحة مؤخرا نيويورك تايمز إلى أن تدعو "فورا إلى تعليق المساعدات العسكرية وإلغاء التدريب العسكري المشترك" مما يعد تحول مرحب به، ولكن الوقت الوقت كان قد تأخر حتى يطهر الصحفيون أيديهم من الدماء .. أعلنت إدارة أوباما في الشهر التالي أنها سوف تعلق المساعدات الاقتصادية غير العسكرية التي تبلغ قيمتها 260 مليون دولار مؤقتا، وتجميد تسليم المعدات العسكرية، كطائرات الأباتشي، والصواريخ، وقطع الدبابات، والطائرة المقاتلة F-16 وذلك نتيجة للانتقاد المتزايد لتواطئهم مع الجنرالات في القتل والقمع، وهو ما أعطى الضوء الأخضر بوضوح للجنرالات، حيث أنهم إن تجنبوا القيام بأي مذابح ضخمة، فسوف تستمر الولايات المتحدة في تقديم مساعدات قيمتها 1.3 مليار دولار وتمويلهم عن طريقها من أجل الاستمرار في "استعادة الديمقراطية".
أظهرت صحيفة هآرتس خوف الحكومة الإسرائيلية أن توقف المساعدات قد يؤثر على معاهدة السلام، التي "قد أدخلت القاهرة في نطاق نفوذ واشنطن". وكانت إسرائيل قد شرحت القضية للبيت الأبيض "بأن معاقبة مصر للعنف الذي وقع مؤخرا بين الحكومة والمتظاهرين أمر ثانوي بالنسبة للحفاظ على معاهدة السلام. وأخبر مسئولو إسرائيل نظرائهم الأمريكيين" في أثناء تدفق المساعدات إلى القاهرة، يستطيع النظام المصري تفادي انتقاد حفاظهم على معاهدة السلام مع إسرائيل "." ومعنى ذلك، أنه في أثناء تدفق المساعدات الأمريكية إلى الجنرالات، سوف يستمروا في قمع المصريين، الذين يشكلون خطرا على الوضع الراهن. وإذا استطاع المصريون في إنشاء حكومة تحترم الرأي العام، قد يتوقف التواطؤ مع إسرائيل في معاقبة شعب غزة وفتح معبر رفح بشكل كامل.