هافينجتون بوست - 16 فبراير 2015
أعادت عملية قطع رؤوس المسيحيين المصريين، على يد مسلحين مرتبطين بمجموعة الدولة الإسلامية في ليبيا، تسليط الضوء على التهديد الذي يشكله المتطرفون خارج معقلهم في سوريا والعراق. وقد تعهد متشددون في عدة بلدان، بما في ذلك ليبيا ومصر والجزائر واليمن والمملكة العربية السعودية، بالولاء لزعيم الدولة الإسلامية، أبو بكر البغدادي؛ على الرغم من أن درجة التنسيق والتخطيط التشغيلي بين القيادات والفروع التابعة للمجموعة لا تزال غير واضحة.
وفيما يلي نظرة على انتشار مجموعة الدولة الإسلامية في جميع أنحاء شمال إفريقيا، وكيف تنظر أوروبا القريبة إلى تزايد وجود المتطرفين في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط:
ليبيا
استمرت البلاد بالسقوط الحر منذ نهاية الحرب الأهلية، التي أطاحت بالديكتاتور معمر القذافي في عام 2011. وقد نقلت الحكومة الليبية المنتخبة مقراتها إلى الجزء الشرقي من البلاد، في حين تحالفت مجموعة فضفاضة من الميليشيات لتشكيل حكومة منافسة في العاصمة طرابلس. القتال بين القوات الحكومية والميليشيات الإسلامية محتدم في ثاني أكبر مدينة ليبية، بنغازي. وقد نزح مئات الآلاف من الناس، وأغلقت السفارات، وفر الدبلوماسيون من البلاد، جنبًا إلى جنب مع مئات الآلاف من العمال الأجانب، وكثير منهم يحملون الجنسية المصرية. وأثبتت هذه الفوضى أنها تستطيع تشكيل أرض خصبة لازدهار مجموعة الدولة الإسلامية؛ حيث حصلت هذه المجموعة على تعهدات بالولاء من عدة فصائل متطرفة في ليبيا. المجموعات المرتبطة بالدولة الإسلامية تنقسم عبر البلاد الواسعة، والغنية بالنفط، والتي يعيش فيها نحو ستة ملايين شخص؛ إلى ثلاث مناطق، هي: طرابلس، وبرقة في الشرق، وفازان في الجنوب. وقال وزير داخلية الحكومة الليبية المنتخبة، عمر سينكي، إن البغدادي عين تونسيًا اسمه أبو طلحة في قيادة فصيل الدولة الإسلامية في طرابلس، وقال أيضًا إن الجزء الأكبر من المتشددين في ليبيا هم من تونس واليمن.
ووفقًا لما ينشر على صفحات المنتديات الجهادية على شبكة الإنترنت، تسيطر المجموعات التي تدعي الولاء للدولة الإسلامية على المدن الساحلية، سرت ودرنة، ولها وجود على الأقل في ثلاثة أماكن أخرى، بما في ذلك العاصمة طرابلس، وبنغازي التي كانت مهد انتفاضة عام 2011 في ليبيا. الطائرات الحربية المصرية ضربت ما يشتبه بأنه أبرز أهداف التنظيم في درنة يوم الاثنين، وجاء ذلك في أعقاب قتل 21 من المسيحيين الأقباط هناك.
مصر
تقاتل الحكومة المصرية تمردًا مزدهرًا في شبه جزيرة سيناء الاستراتيجية، والتي تقع على الحدود مع إسرائيل وقطاع غزة. وشهدت محافظة شمال سيناء تصاعدًا في الهجمات المسلحة ضد قوات الأمن، وخاصةً بعدما أطاح الجيش بالرئيس الإسلامي محمد مرسي في عام 2013. وما زالت هذه المنطقة تعيش في ظل حظر التجول، المفروض من الغسق حتى الفجر، منذ أكتوبر/تشرين الأول.
وقد أعلن بعض المتشددين هناك ولاءهم للدولة الإسلامية، وأطلقت واحدة من هذه المجموعات على نفسها اسم ولاية سيناء. وادعت هذه المجموعة مسؤوليتها عن تنفيذ مجموعة متطورة ومعقدة من الهجمات التي وقعت في أواخر الشهر الماضي على مواقع عسكرية مصرية، وأدت إلى مقتل 32 جنديًا. وفي أكتوبر الماضي، قتل هجوم كبير آخر أكثر من 30 جنديًا، وأعلن متشددو ولاية سيناء الشهر الماضي مسؤوليتهم عن أسر وقتل ضابط شرطة برتبة نقيب. ولم تهاجم ولاية سيناء، والتي انبثقت عن مجموعة القاعدة المعروفة باسم أنصار بيت المقدس، المدنيين بشكل مباشر؛ على الرغم من أن بعض الأبرياء لقوا حتفهم نتيجة عنفها. وتعتمد الجماعات المتطرفة في سيناء بشكل كبير على الأسلحة المهربة عبر الحدود الصحراوية التي يسهل اختراقها مع ليبيا. وعلى الرغم من أن العمليات العسكرية واسعة النطاق في شمال سيناء؛ مازالت مستمرة منذ أكثرمن عام، وشملت هدم المنازل على طول الحدود، إلا أن الحكومة المصرية لم تكن قادرة حتى الآن على وقف هجمات المتشددين شبه اليومية هناك.
الجزائر وتونس
وقد حفزت نجاحات مجموعة الدولة الإسلامية في سوريا عددًا من الجماعات الإسلامية المتطرفة إلى الانشقاق عن تنظيم القاعدة المهيمن في شمال إفريقيا، والمعروف باسم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وإعلان ولائها للبغدادي. وكان من أبرز هذه المجموعات، تنظيم جند الخلافة الجزائري، الذي يقوده أحد قادة تنظيم القاعدة المخضرمين، والذي اختطف الفرنسي، هيرفيه غورديل، في سبتمبر، ثم أصدر شريط فيديو يظهر قطع رأس الرهينة. وفي الخريف الماضي، أطلقت الجزائر عملية واسعة النطاق ضد الجماعة، وتم من ذلك الحين اعتقال أو وقتل معظم أعضائها المعروفين. وأما في تونس، فقد أصدر لواء عقبة بن نافع، والذي كان يعرف منذ فترة طويلة بعلاقاته الجيدة مع القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، بيانات دعمه للدولة الإسلامية. وقد شكل التدفق المستمر للمجندين التونسيين إلى جماعة البغدادي خطرًا أكبر، وأكثرهم يمرون عبر ليبيا للتدريب.
ما التهديد الذي يفرضه كل هذا على أوروبا؟
ازداد شعور الدول الأوروبية بالخطر مع تصاعد أعداد المسلحين المرتبطين بالدولة الإسلامية عبر شمال إفريقيا. وربما كانت إيطاليا، والتي تبعد 800 كيلومتر (500 ميل) من الساحل الليبي، الأكثر قلقًا من تصاعد المتطرفين في ليبيا. وتخشى السلطات الإيطالية من تسلل المتشددين الإسلاميين إليها على متن قوارب تهريب، انطلاقًا من ليبيا المزدحمة باللاجئين والمهاجرين من سوريا وإفريقيا وأماكن أخرى.
وقد حاول رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو رينزي، الضغط من أجل تدخل الأمم المتحدة لوقف العنف في ليبيا. ويوم الأحد، أعادت إيطاليا موظفيها من السفارة في طرابلس عن طريق البحر، ونصحت الإيطاليين الآخرين، وكثير منهم يعملون في شركات النفط أو البناء؛ بمغادرة ليبيا.
هذا وتعد المخاوف من تهديد الدولة الإسلامية مرتفعة في فرنسا أيضًا، حيث انضم من سكان هذه الدولة إلى المتطرفين في سوريا والعراق ما هو أكثر من أي بلد أوروبي آخر. وقال رئيس الوزراء، مانويل فالس، الأسبوع الماضي، إنه تم تحديد 1400 مواطن أو مقيم فرنسي ارتبطوا بالشبكات الجهادية في السنوات الأخيرة، ومئات منهم سافروا إلى سوريا أو العراق.