دائرة مصر المفرغة

تودايز زمان
توم ويلسون

25 مارس 2015 

على خلاف ثورة 25 يناير، كان الإخوان المسلمون منذ البداية أحد العوامل الأساسية في ثورة 1952 جنبا إلى جنب مع الضباط الأحرار. ليس فقط خلال الفترة التي سبقت الثورة وإنما خلال التطورات اللاحقة أيضا حيث أعلن الإخوان علانية دعمهم لقائد لضباط الأحرار جمال عبد الناصر (1918 – 1970). وقد عمل عناصر الإخوان العسكرية والمدنية جنبا إلى جنب مع الضباط الأحرار خلال هذا التحول التاريخي. 

 

كانت الأهداف المعلنة من قبل الضباط الأحرار هي: الكفاح ضد الاستعمار وإجبار القوات البريطانية على الانسحاب وإيجاد جبيش قوي حديث ونظام برلماني ديمقراطي. وقد حققت غالبية هذه الأهداف المذكورة ما عدا تحقيق نظام برلماني ديمقراطي. والأكثر من ذلك، في أعقاب الثورة قام عبد الناصر بأخذ السلطة من محمد نجيب (1901 – 1984) والذي كان أول رئيس لجمهورية مصر العربية. 

 

وبينما حان الوقت للإخوان المسلمين، كانت الإخوان تمثل عقبة أمام عبد الناصر ليقوم بتوطيد نظامه. ولذلك واجه الإخوان قمعا شديدا مرة أخرى بعد ذلك الذي شهدوه في الأربعينيات. وبدأ النظام باتهام الإخوان بالتخطيط لقلب نظام الحكم من أجل تشكيل حكومة تقوم على الدين وهو الأمر الذي كان في الحقيقة هدفا رئيسا للإخوان. وقد قام النظام بملء الفجوة الدينية التي ظهرت بسقوط الإخوان المسلمين من خلال جامعة الأزهر. كان للأزهر أيضا مهمة أخرى والتي كانت شرعنة سياسات الحكومة. وسريعا ما تحولت سياسة القمع الناصرية إلى عمليات استهداف وتخلص من الإخوان وهو ما أسفر عن إعدام الإخواني البارز سيد قطب (1906 – 1966).  

 

كانت أفكار سيد قطب وتعاليمه معادية للحكومة وممارساتها الغربية وهو الأمر الذي أحدث انقساما بين الإخوان المسلمين. تلك الجماعة التي اتبعت المرشد العام حسن الهضيبي (1891 – 1973) ظلت في إطار الشكل الأساسي للتنظيم. من ناحية أخرى، فإن الراديكاليون الذين تبعوا تعاليم سيد قطب قد مضوا في طريق التطرف وهذا التحول قد سيطر على الجماعات الأصولية مثل الجهاد الإسلامي المصرية. وقد دفعت مصر ثمن الدفع بالإخوان خارج النظام القضائي وهذا الثمن كان ظهور الجماعات الإسلامية الراديكالية. أما حسني مبارك فقد اضر على وجه الخصوص أن يقوم بالتعامل مع هذه الجماعات خلال فترة رئاسته. 

 

وعلى الرغم من أن أنور السيادات ومبارك قد تبنوا سياسات أقل قمعا بشكل نسبي من سابقهم، فإن الإخوان لم يستطيعوا أن يجدوا فرصة للدخول في النظام السياسي الحالي إلا من خلال النقابات والاتحادات الطلابية. 
في البداية، انضم الإخوان المسلمون إلى ثورة يناير 2011 بحرص بالغ ولكن بعد أيام أخذ مؤيدو الإخوان مواقعهم في المظاهرات الشعبية التي تجمعت في ميدان التحرير. وفي الحقيقة، فقد انتقد تأخيرهم بعد ذلك في وقت لاحق من الثورة لأنهم كانوا يتصرفون وكأنهم أهم عامل في الثورة. 
نعرف جميعا التطورات اللاحقة. كانت الناخبون يصوتون بين الإخوان والنظام القديم ولكنهم أظهرون رغبتهم في الوقوف إلى جانب محمد مرسي المرشح الإسلامي التابع للإخوان المسلمين وذلك خلال الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية عام 2012. بدى الطموح السياسي للإخوان وكأنه قد هدأ حتى قام مرسي بإصدار إعلانا دستوريا يعطيه سلطات كاملة في صياغة الدستور الجديد وذلك في نوفمبر 2012. وقد أثارت حركة مرسي موجة جديدة من التظاهرات والتي أدت إلى ظهور إشاعات عن التخطيط لانقلاب في بداية 2013. وقد أدى التوتر الزائد إلى تدخل الجيش قبل أن يكمل مرسي عامه الأول كرئيس. 

 

قاد وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي في 2013 تدخل الجيش وقام بالإطاحة بالرئيس مرسي في 3 يوليو. وخلال فترة قصيرة من التوتر السياسي تم حظر جماعة الإخوان المسلمين من قبل السلطات المصرية وأعلنت جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا. وفي مراحل متأخرة من التدخل العسكري، حكم على المئات من مؤيدي الإخوان المسلمين بالإعدام (ولكن لم يعدم سوى القليل) والكثير منهم حكم عليه بالسجن المؤبد. وقد أدان الإخوان تصرفات الحكومة ولكنها رفضت الرد بعنف على هذه الأفعال. 
تبنى السيسي سياسة خطيرة من الممكن أن تعرض مستقبل مصر للخطر وذلك من خلال إعلان جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا بينما الشرق الأوسط برمته في حالة غليان وذلك بسبب تزايد الهجمات الإرهابية الإسلامية وكذلك تنظيمات الإرهابية وخصوصا الدولة الإسلامية في العراق والشام. وإمكانية ظهور جماعات تتبنى أيديولوجية الدولة الإسلامية من الممكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة في المجتمع المصري. 

 

لقد شهدت مصر بالفعل عواقب الإطاحة بجماعة ذات قاعدة اجتماعية وسياسية مثل الإخوان المسلمين من المجتمع في السابق. وقد قامت الدولة بفعل ذلك بشكل رسمي في وقت محاولات الإخوان الإيجابية لتكون جزءا من النظام الحالي. لابد للحكومة أن تعتبر هذا مكسبا في ضوء التطورات التي تجري في الشرق الأوسط وخصوصا تلك المتعلقة بالدولة الإسلامية. 
ويمكن القول أن مصر بدأت الدخول في دوامة من خلال حظر الإخوان المسلمين وإعلانها تنظيما إرهابيا وهو الأمر الذي يمكن أن يجر الجماعة للعنف. يمكن أن يكون الثمن الذي تدفعه مصر بسبب سياسات السيسي مكلفا للغاية.