ديلي صباح: الجامعة العربية وأجوبة حول التوتر

ديلي صباح: إمرا جونين
 

 

إن الاضطراب الذي لا يصدق والذي صدم المؤسسات في جميع دول الشرق الأوسط قد دفع في النهاية الجامعة العربية إلى المضي قدما في عملية تقييم لنفسها. إن نتيجة القمة العربية السادسة والعشرية والتي عقدت في مصر بشرم الشيخ في يومي 26 و 27 مارس كانت بليغة في نواح كثيرة. أولا، موقف العالم العربي صار لا يمكن الدفاع عنه: في اليمن شن التحالف الذي تقوده السعودية حملة ضربات جوية لوقف تقدم الحوثيين وفي ليبيا تستمر الحرب الأهلية بين الحكومتين المتنافستين والجماعات الإسلامية وفي سوريا أيضا دخلت الحرب الأهلية عامها الخامس لتجعل الصراع استقطابيا ولتضيف المزيد من الأطراف وفي العراق أيضا بدأت الحكومة هجوما ضد الدولة الإسلامية في العراق وسوريا من أجل استعادة المنطقة التي استولت عليها الجماعة الإرهابية في 2014. في الوقت نفسه، تلعب إيران أيضا دورا أكثر علنية في الأزمات في اليمن والعراق وسوريا. 

 

ومقارنة بالموجة التي لا تصدق من الأمل من الصحوة العربية منذ خمس سنوات، فإن الوضع يبدو مظلما جدا. باستثناء تونس، وربما لبنان، فإن الديمقراطية البرلمانية غائبة تماما عن الدول العربية. وقد أوجد هذا الوضع حالة من عدم الرضا بين الشعوب التي تبحث عن القليل من التعددية والتي عادة ما تواجه ردود الفعل العنيفة من قبل الطبقة الحاكمة. 

 

والدولة العربية الوحيدة التي يمكن أن تكون مثالا للآخرين فهي مصر، فهي دولة في حالة مذرية. فاقتصادها صار يعتمد كليا على السعودية وشرعيتها قائمة على انقلاب عسكري أعقبته انتخابات زائفة أتت بقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي إلى الرئاسة. قام السيسي بإلقاء خطاب عاطفي أعلن فيه تهديدا غير مسبوق لسيادة الدول العربية والأمن والهوية. وقد كانت أفضل أفكاره بتشكيل قوة عربية عسكرية مشتركة، وبالفعل قررت القمة العربية ان توسع الجهود المشتركة من أجل تبني تدابير واقعية متعلقة بالدفاع من أجل مواجهة التحديات الحالية التي أوجدتها الجماعات الإرهابية المتطرفة من خلال قوة عربية عسكرية مشتركة. 

 

هذه ليست سوى اتفاق من حيث المبدأ  وسوف يتم إنشاء قوات المهمات من أجل تنفيذ التنسيق بين الدول الراغبة خلال الشهور الأربعة القادمة وذلك من أجل تمهيد الطريق أمام تشييد آلية العملية وتنسيقها لقوة المستقبل، والتي سوف تعمل وفقا لمظلة الأمم المتحدة والقانون الدولي والسيادة القومية. وحدت الدول العربية قواتها المسلحة أكثر من مرة في الماضي، في 1948 و 1956 من أجل مقاومة الغزو الفاشل للسويس من قبل فرنسا وانجلترا وكذلك في 1967 و 1973. وباستثناء 1965 والتي انتهى فيها العدوان بسبب تدخل الولايات المتحدة، فإن إسرائيل قد هزمت الدول العربية المجتمعة. وقال أحد الضباط الصغار والذي عاد من حرب 1948 وكان محاصرا في الفلوجة أن الجيش المصري يعاني فسادا كبيرا ولابد من إعادة تنظيمه. كان اسم هذا الضابط هو جمال عبد الناصر. ومنذ ذلك الحين، بدأ يكون له عدد من الأتباع الذين رفضوا التعددية لتمجيد القوات المسلحة على أسس أيديولوجية مختلفة. أما السعودية فكانوا دائما يرفضون أشكال الديمقراطية القائمة على التحرر والمشاركة. وبعد حوالي 70 عام من الفلوجة لا تزال أفضل فكرة عند العرب هي تشكيل قوى عربية مشتركة. 

 

وقد سرد الشيخ صباح الصباح أمير الكويت تفسيرا أفضل للوضع عندما أعلن أن الأزمات الحالية تقع داخل دول يشوبها الاطراب الذي أحدثه ما يسمى بالربيع العربي حيث الأمية والفقر والبطالية والفشل الاقتصادي والافتقار إلى الخدمات الاجتماعية والذي تفشى وزاد من تفاقم الخطر.  هل قررت الجامعة العربية تشكيل قوة مشتركة لمواجهة الفقر والأمية والبطالة والفشل الاقتصادي والافتقار إلى الخدمات الاجتماعية في الدول العربية غير المتطورة؟ ليس بعد.