هودسون: صامويل تادروس
بعد أسبوع من مهاجمة الأقباط في قرية العور جنوبي مصر على يد الحشود الغاضبة لوقف بناء كنيسة هناك، تعرض الأقباط في قرية الجلاء لنفس المعاملة. تضم قرية الجلاء 1400 قبطيا الذين قضوا 38 عاما يزورون كنيسة لا تتعدى مساحتها 60 مترا مربعا. ومع تنامي عدد المسيحيين في القرية والقرى المجاورة وكذلك تصدع الكنيسة القائمة هناك قاموا بتقديم طلب في بداية الألفينيات لبناء كنيسة جديدة وقد حصلوا على الإذن لذلك في عام 2004. غير أن التعصبات الدينية في القرية قد منع تشييدها حيث أن هناك مسجدا بالقرب من موقع التشييد: والقانون المصري يمنع أن تقترب دور العبادة من بعضها. إن بناء مسجد بالقرب من الموقع المفترض لبناء كنيسة هو طريقة شائعة تستخدم لمنع بناء المساجد.
ومن أجل منع المواجهة، قام الأقباط بشراء بيتين بالقرب من الكنيسة القديمة وفي يناير 2015 تسلموا من المحافظ التصريح المطلوب لهدم الكنيسة القديمة وبناء أخرى جديدة. وفي مارس تقريبا قامت الحشود الغاضبة بالهجوم. وفيما صار عادة تم إصدار عدد من المطالب: ألا تحمل الكنيسة أي ركز خارجها يدل على أنها كنيسة فلا أجراس ولا صلبان ولا أبراج ولا قبة وأن يكون مدخلها في شارع جانبي. وبدلا من مواجهة الحشود وتطبيق القانون، حاولت قوات الأمن أن تتفاوض معها ولكن المفاوضات قد فشلت في أن تثنيهم عن جهودهم لمنع بناء الكنيسة. ومن ثم قامت قوات الأمن بإجبار الأقباط على حضور جلسة صلح وأجبرتهم كذلك على قبول طلبات الجموع المسلمة. وقد شجع إجراء الشرطة الجموع على تقديم طلب آخر هذا الأسبوع: على الأقباط أن ينشروا اعتذارا علنيا في الصحف للمسلمين هناك. فقد اتهموا بأن جريمة الأقباط أنهم اشتكوا إلى الإعلام وشوهوا صورة القرية.
ولأنه لم تقع أية عقوبة على تلك الجموع المسلمة فإنه لم يكن مستغربا أن تتكرر الهجمات خلال نهاية الأسبوع. وقد بدأت الهجمات عندما ألقى المسلمون الحجارة على أتوبيس يحمل فتيات مسيحيات. وانتشر العنف بشكل سريع. ألقيت الحجارة على بيوت المسيحيين ونهبت العديد من المحلات التي يمتلكها المسيحيون. وجرح سبعة أقباط في الهجوم. وكإجراء روتيني قامت قوات الأمن باعتقال 28 رجلا من القرية ومن بينهم 12 قبطيا. من الشائع عند رجال الشرطة أن تعتقل من المهاجمين والضحايا من أجل أن تجبر الجميع على التصالح.
وفي الوقت الذي يأمل فيه النظام المصري أن يعيد هذا الإجراء النظام إلى القرية، حيث تلجأ إلى المصالحة بدلا من عقاب المهاجمين، فإن هذا قد شجع الجموع المحلية على ما يقومون به وهم يشعرون أن لديهم حصانة. ونتيجة لذلك فإن المتعصبين يهاجمون الأقباط وهم يعرفون أنهم لن يعاقبوا بل وستنفذ مطالبهم. إذا كان السيسي صادقا في حديثه عن حماية الدولة المصرية من السقوط في الفوضى، تلك الفوضى التي تعم المنطقة، فإنه يحتاج إلى تنفيذ حكم القانون وحماية الأقباط.