فوكس نيوز
صمويل تادروس
أثار ذبح العشرين مصريا مسيحيا الشهر الماضي الذين كانوا يعمليون في ليبيا حالة من الغضب على مستوى العالم وكذلك حفز مصر للقيام بضربات جوية انتقامية ردا على هذه الجريمة. ولكن خارج الصورة العامة، هناك الكثير من العائلات والجيران الذي يقعون الآن ضحايا بصمت ويواجهون قمعا مماثلا في الداخل المصري. فعقب عملية الذبح، أمر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ببناء كنيسة تخلد ذكرى المقتولين في قرية العور، والتي تعد مسقط رأس 13 من الضحايا. وهذه الخطوة، على غرار الضربات الجوية، كانت تعني طمأنة الأقباط في مصر بأنهم موطنون لهم كافة حقوق المسلمين في مصر الجديدة.
وفي 27 مارس، تجمع المسيحيون في قرية العور في كنيسة محلية صغيرة من أجل تشييع شهدائهم، وهو ما أثار تجمع غاضب للمسلمين يوم الجمعة. وقبل ذلك بأسبوع، قام حشد بمسيرة في شوارع القرية هاتفين "لا كنائس على الأرض" ولكن هذه المرة كانت الهتافات يصاحبها مولوتوف وإلقاء حجارة على الكنيسة وعلى منزل من منازل أحد الضحايا وعدد آخر من المسيحيين. إن المسلمين في مصر غاضبون للغاية من فكرة بناء كنيسة في قريتهم وهو ما يشير إلى الثقافة المتطرفة من عدم التسامح والتي باتت تسيطر على شرائح المجتمع المصري. هؤلاء السكان ليسوا بالضرورة أعضاء في الإخوان المسلمين ولا حتى من أي جماعة إسلامية أخرى وليسوا جميعا متدينين. فالسماح لمسيحيين ببناء كنيسة يعني بشكل كبير على المسلمين القرويين في مصر إهانة لهم وللإسلام.
ولكن بات رد فعل السلطات المحلية أمر أكثر إثارة للقلق. فبدلا من إحضار أولئك الذين هاجموا المسيحيين في العور إلى العدالة أمر المحافظ بجلسة صلح بين ممثلي الطرفين – وينتهي الأمر بالمصافحة والعفو من قبل المسيحيين المضطهدين. وبتنحية نظام العدالة الجنائي فإن مثل هذه الجلسات صارت هي التوجه الحكومي لمعالجة الاعتداءات ضد المسيحيين الأقباط وهو ما أوجد حالة من الحصانة والتشجيع الثقافي.
وفي الحوادث المشابهة في الماضي، كانت تلغى أي محاولة لبناء كنيسة، ولكن لا يمكن أن يكون الأمر على هذا النحو في هذه المرة، حيث أنها ستبنى نتيجة وعد من رئيس الجمهورية المصري نفسه. وفي المقابل، وافق المحافظ على طلبات المتظاهرين حول عدم بناء الكنيسة المفترضة. أما الرجال السبعة الذين اعتقلوا لدورهم في الهجوم فقد أفرج عنهم من أجل تخفيف حدة الأمر وإرضاء المتظاهرين.
ويأتي مشهد العور بعد فترة قصيرة من الهجوم على مسيحيين في قرية الجلاء. فهناك اندلع الغضب بين الناس لاحتمالية بناء كنيسة مع أنها كانت كنيسة تحل مكان أخرى قديمة. وبعد ألقاء مقذوفات حارقة على منازل المسيحيين وترويع المواطنين المسيحيين رفع المتظاهرين مطالبهم. ليست لديهم أية مشكلة مع الوجود المسيحي ولا مع صلاتهم وإنما مشكلتهم بأن يوجد بيت للعبادة المسيحية في قريتهم. يمكن أن يكون للمسيحيين مكان يتعبدون فيه ولكن هذا المكان لا يفترض أن يكون كنيسة. فالقرية لابد وأن تكون خالية من أي رمز مسيحي: فلا قبة ولا صلبان ولا أبراج ولا أجراس ولابد لمدخل مكان العبادة أن يكون في شارع جانبي. وهكذا نرى الأحكام الجديدة للذميين المضطهدين في القرى المصرية. وفي الجلاء، تم الاستجابة للمتظاهرين ولم تبنى الكنيسة.
تحدث السيسي من قبل بشجاعة حول ضرورة القيام بثورة دينية والحاجة إلى تغيير الخطاب الديني الذي يحث على الكراهية. وقد تحدث كذلك عن حماية الدولة المصرية من الانهيار كغيرها من دول المنطقة. إذا كان السيسي جادا في هذين الأمرين فإنه لابد وأن يحول كلماته إلى أفعال من خلال اللجوء لحكم القانون ومعاقبة أولئك الذين يهاجمون المسيحيين وكذلك إضفاء حماية الشرطة على مسيحيو العور.