أبدى "تسفي مزئيل"، السفير الإسرائيلي السابق في القاهرة، استياءه مما اعتبره تخليا من الدول العربية والمجتمع الدولي عن نظام السيسي، وتركه وحيدا في محاربة الإرهاب.
واعتبر "مزئيل" الخبير في الإعلام العربي أنه وبخلاف موقف قطر وتركيا المعروف بدعمه لجماعة الإخوان المسلمين والتربص بنظام السيسي، فإن الغريب هو موقف السعودية والدول العربية إضافة إلى أمريكا ودول غربية من العمليات العسكرية المصرية في ليبيا وإعلانها تأييد الحل السياسي فقط.
وكتب على موقع "معهد القدس للشئون العامة والسياسية" يقول: "كانت ردود الدول الغربية فاترة، وتقريبا معادية وربما منفصلة عن الواقع. فبينما أعربت تلك الدول عن دعمها لهجمات سلاح الطيران الأردني على الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، ردا على إحراق الطيار الأردني فقد اتخذوا موقفا مغايرا حيال مصر ".
المتحدثة باسم وزارة الخارجية المصرية قالت إن بلادها تعتقد أن الحل السياسي الذي تتبناه الأمم المتحدة هو الحل لعلاج المشكلة الليبية. وقال المتحدث باسم البنتاجون إن الولايات المتحدة لم تتخذ أي موقف حيال الهجوم المصري الذي "لم نعلم عنه شيئا قبل تنفيذه"، وأضاف "لم نشارك في الهجوم ولم نؤيده بأي شكل كان" وأعلن عن استمرار التعليق الجزئي للمساعدات العسكرية لمصر وبالأخص طائرات ال إف 16 وأنواع مختلفة من الأسلحة بسبب أوضاع حقوق الإنسان.
الكاتب الإسرائيلي علق على كلام المسئول الأمريكي قائلا: "تجدر الإشارة إلى أن حالة حقوق الإنسان في الأردن وباق الدول العربية هي وبدون شك أسوأ من مصر".
وتابع في المقال الذي حمل عنوان "مصر وحدها أمام الإرهاب الإسلامي": "بالنسبة لمصر كانت هذه ضربة استراتيجية وصفعة علنية جاء وزير الخارجية المصري سامح شكري للأمم المتحدة فور الهجوم المصري على ليبيا للتأكيد على ضرورة الحرب على الإرهاب الإسلامي أينما كان، إضافة لدعم الحكومة الليبية الشرعية، عبر إلغاء حظر السلاح وتوسيع هجوم التحالف أيضا ليشمل أهداف داعش في ليبيا ".
ومضى "مزئيل" يقول: "في خضم خيبة أمله اضطر (شكري) بعد نقاش قصير في مجلس الأمن أن يسمع أن دول أوروبا وأمريكا تعارض إلغاء الحظر وتؤيد حل سياسي. ولعدم وجود خيار أمامه وبعد أن التقى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، أعرب شكري أنه أيضا يؤيد الحل السياسي ".
لكن تبقى مصر عرضة للإرهاب الإسلامي- والكلام للكاتب الإسرائيلي- ولن يمكنها الاكتفاء ب "الأمل" في الوصول لحل سياسي. فتنظيم داعش في ليبيا والمليشيات الإسلامية الأخرى العاملة هناك مثل فجر ليبيا التابعة للإخوان المسلمين لن توقف عملياتها، وستواصل الحرب على مصر بهدف إرباك جهود السيسي لدفع الاقتصاد، وبهدف زعزعة استقرار مصر حتى تصبح دولة فاشلة مثلما نجح الإسلام الراديكالي في أن يفعل بليبيا نفسها والصومال والعراق وسوريا واليمن.
وأشار "مزئيل" إلى أن "خيبة الأمل المصرية لم تنته عند هذا الحد، فخلال جدل دار بالجامعة العربية حول الهجوم على ليبيا تحفظ مندوب قطر من الإعلان عن تأييد مصر واتهمه المندوب المصري بدعم الإرهاب. وكرد فعل استدعت قطر سفيرها من القاهرة للتشاور".
وزاد قائلا: "مجلس التعاون الخليجي الذي أراد وقف تدهور الأزمة سرعان ما خرج للدفاع عن قطر وتوبيخ مصر. وذلك على خلفية الحاجة للحفاظ على موقف موحد لدول الخليج تجاه التهديد المزدوج الممثل في إيران وداعش. تفاجأ المصريون أيضا لأن السعودية وكذلك الإمارات هما أهم الداعمين الماليين والسياسيين لمصر في نضالها ضد الإخوان المسلمين ".
كذلك انتقد الكاتب موقف قطر التي تخلت عن اتفاق المصالحة مع مصر على حد قوله، وعادت للتحريض على نظام السيسي عبر قناة الجزيرة. واتهم الدوحة بدعم المليشيات الإسلامية في ليبيا بالمال والسلاح منذ سقوط نظام القذافي.
السفير الإسرائيلي السابق في مصر صب جام غضبه أيضا على تركيا، وقال إنها تفضل عدم التحرك ضد "داعش"، واتهم واشنطن في عهد أوباما بإبداء "تأييد غير مفهوم" للإخوان المسلمين، وقال إنها تتراخى في قتال "داعش" والتنظيمات الإرهابية الأخرى، وتسعى للتصالح مع إيران التي قد تعلن قريبا امتلاكها سلاح نووي.
وأردف: "في هذه الظروف تشعر مصر بالعزلة والتهديد. ليس فقط لأن عليها محاربة الإرهاب وحدها على جبهتين، بل لأنها تواجه تحالف غير ممكن يتكون من قطر وتركيا والولايات المتحدة ودول غربية أخرى تقدم للإخوان المسلمين مساعدات مالية، وإعلامية وسياسية واسعة ".
"مزئيل" اتهم بريطانيا أيضا بدعم الإخوان، عبر استضافتها مكتب التنظيم الدولي للجماعة، وقال إن النشاطات المعادية للمصر على الساحة الدولية تنطلق من لندن، مضيفا "أمر رئيس الوزراء البريطاني قبل عدة شعور لإجراء تحقيق في تورط الإخوان في نشاطات إرهابية، لكنه تردد في نشر نتائجه، على ما يبدو بسبب اعتبارات سياسية أو خوفا من عمليات إرهابية ".
حتى السودان والجزائر رفضا التعاون مع مصر، على حد تعبير الدبلوماسي الإسرائيلي الذي قال: "قبل عدة شهور حاولت مصر إنشاء تحالف ضد التهديد الليبي مع الدول المجاورة لليبيا والمهددة هي الأخرى كالسودان والجزائر لكنها لم تحظ باستجابة. فلدى السودان علاقة وطيدة بالإخوان المسلمين، فيما تفضل الجزائر التركيز على الصراع الذي تخوضه ضد تنظيم القاعدة في شمال إفريقيا الذي يشن هجماته عليها ".
لم يعد أمام مصر سوى الشراكة البديلة، كما يقول الكاتب الإسرائيلي، الذي استدل بالتوجه المصري إلى روسيا وتوقيع سلسلة اتفاقات عسكرية واقتصادية معها، من بينها بناء مفاعل نووي، إضافة لصفقة أخرى مع فرنسا لشراء 24 مقاتلة من طراز رافال وفرقاطة، في صفقة قيمتها 5.5 مليار يورو، معتبرا أن هذا المبلغ لا يعد خسارة صافية لواشنطن فقط، وإنما دليل صارخ على التنائي بين الدولتين.
بيد أن "مزئيل" يرى أن مصر ورغم ذلك "لا تريد أن تعطي ظهرها لأمريكا. فمنذ عهد السادات والسلام مع إسرائيل جرى تعاون عسكري بين الدولتين على الساحة الاستراتيجية تضمن تزويد مصر بكل أنواع الأسلحة، والمناورات العسكرية المشتركة، ومنح إذن غير محدود لسفن الأسطول العسكري الأمريكي بالمرور بقناة السويس، وحرية مرور مقاتلات سلاح الطيران الأمريكي في المجال الجوي المصري لضرب العراق في حرب الخليج الثانية ".
وأضاف: "كذلك فإن مصر بحاجة للاستثمارات والتكنولوجيا الأمريكية لكن في هذه المرحلة تتصاعد أيديولوجية أوباما الغريبة حيث تفضل دفع إيران كقوة إقليمية في مواجهة مصر والسعودية، ومنع تزويد مصر بمساعدات كانت لتساعد اقتصادها وحربها على الإرهاب الإسلامي.".
واختتم قائلا: "لا عجب أن تشعر مصر التي بقيت وحيدة في الحرب على الإرهاب الإسلامي أنها مجروحة ومهددة ويصعب عليها أن تفهم كيف هجرها الغرب دون أن يدرك أن مصيره مرهون بمصيرها".