هل حقا سبق أن تجمدت الأسلحة الأميريكية إلى مصر؟

كونتر بنش : باول جوتينجر 

في 31 فبراير أعلن أوباما رفع ما أسمته نيويورك تايمز "تجميد الأسلحة إلى مصر".  قد تم وضع قيود الولايات المتحدة المفروضة على تصدير الأسلحة التي تشير إليها التايمز بعد انقلاب عام 2013، والذي أطاح بالرئيس المصري المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي.  هذه الفقرة من التايمز تحت عنوان "أوباما يلغي تجميد الأسلحة ضد مصر" تنص على:  "رفع الرئيس أوباما يوم الثلاثاء تجميد الأسلحة ضد مصر والذي قد فرضه لأول مرة بعد الإطاحة العسكرية لحكومة البلاد المنتخبة ديمقراطيا منذ نحو عامين".  تنص الفقرة على أن "التجميد" تم فرضه بعد الانقلاب. ونظرا لهذا، فإن القراء يفترضون بشكل طبيعي أن إدارة أوباما قد سنت تحولا كبيرا في السياسة نحو الحكومة المصرية نتيجة لهذا التعدي على الديمقراطية. 

 

ولكن تخفف التايمز بسرعة مدى هذا التجميد للأسلحة من خلال سرد عدد العناصر "الباهظة" القليل جدا التي كانت محظورة.  تنص الفقرة على:  "السيد. أوباما يمهد الطريق لتسليم طائرات إف-16 وصواريخ هاربون ودبابات إم1أيه1 أبرامز، وهي الأسلحة المقدرة من قبل القادة المصريين، الذين غضبوا عند تعليقها ".  الإذاعة الوطنية العامة تناولت هذه المسألة نفسها بطريقة أكثر ارتباكا. قصة الإذاعة الوطنية العامة المسماة "الولايات المتحدة تنهي تجميد المساعدات العسكرية لمصر" تنص على:  "أنواع معينة من التدريب والمعدات العسكرية لم تتوقف. ولكن في عام 2013 توقف تدفق شحنات الأسلحة بعد الانقلاب العسكري في مصر ". 

 

هذه الجمل التي تبدو متناقضة تبدو أنها تقر كلا من أن شحنات الأسلحة الأمريكية لم تتوقف أبدا ولكن بعد ذلك تعني أيضا أنها في الواقع قد توقفت.  كلا من التايمز والإذاعة الوطنية العامة يشيران بشكل صحيح إلى أن طائرات إف-16 وصواريخ هاربون ودبابات إم1أيه1قد توقفت من قبل إدارة أوباما وأن هذه العناصر الآن جنبا إلى جنب مع المخصص الكامل بقيمة 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية لهذا العام - سوف تتدفق مرة أخرى إلى مصر.  ومع ذلك، ما لم تذكره التايمز والإذاعة الوطنية العامة هو أنه جوهريا لم تتجمد المساعدات العسكرية الأمريكية أبدا لمصر. و"التجميد"، كما تبين، كان أكثر قليلا من الصقيع الخفيف. 

 

بيانات الصادرات من وزارة الإحصاء الأميركي تظهر أنه في عام 2014 وحده شحنت الولايات المتحدة إلى مصر ما يقرب من 44 مليون دولار في قطع غيار للطائرات العسكرية وأكثر من 36 مليون دولار في قطع غيار لمركبات القتال المدرعة وأكثر من 68 مليون دولار في الصواريخ الموجهة.  وبالإضافة إلى ذلك، تناست فقرة كلا من الاذاعة الوطنية العامة والتايمز ذكر 10 طائرات الأباتشي التي زودت بها الولايات المتحدة مصر في أكتوبر عام 2014 (بقيمة 171000000 دولار أمريكي) والتي سبق إدراجها في ما يسمى ب "تجميد الأسلحة".  ما ذكرته كلا من التايمز والإذاعة الوطنية العامة هو أن هذه الأسلحة تسير إلى الحكومة المصرية التي قد تقترب من الكمال. ومع ذلك فكلاهما فشل تماما في شرح عمق الانتهاكات. 

 

فقرة التايمز تذكر أن السلطات المصرية ألقت القبض على أكثر من 40،000 شخص منذ الانقلاب، وتنص قصة الإذاعة الوطنية العامة أن هناك ما لا يقل عن 20،000 سجين سياسي.  كلا التقريرين تناسا كيفية سيطرة عبد الفتاح السيسي، الرئيس الحالي لمصر، على مصر بعد الانقلاب وأنه على الفور فرض حملة قمع خطيرة بشأن حقوق الإنسان والتي لا تزال حتى يومنا هذا.  لم تذكر الاذاعة الوطنية العامة أو التايمز مقتل 1300 متظاهر وأحكام الإعدام الجماعي وأن حزبا سياسيا كبيرا قد تم اعتباره منظمة إرهابية وأن وسائل الإعلام قد أغلقت وأن الناشطين والصحفيين ما زالوا معتقلين وأن التظاهر محظور بالأساس وأنه لم تكن هناك أي خطوات جادة نحو الديمقراطية قد تم اتخاذها. 

 

وعلى الرغم من هذه الانتهاكات الخطيرة جدا لحقوق الإنسان فقد واصلت الولايات المتحدة الشحن وليس فقط قطع غيار لأنظمة الأسلحة المتطورة مثل الطائرات والمروحيات والدبابات ولكن أيضا الأسلحة الصغيرة التي يمكن أن تستخدم ضد الشعب المصري.  في عام 2014 قامت الولايات المتحدة بشحن عدد صغير من الرشاشات العسكرية والبنادق العسكرية فضلا عن قطع غيار للبنادق العسكرية بأكثر من 600،000 دولار.  هذه الصادرات هي مثيرة للقلق خصوصا أنه في شهر أغسطس من عام 2013 فتحت قوات الأمن المصرية النار على مخيم احتجاج فقتلت 1،000 شخص على الأقل وأصابت ما يقرب من 4،000. هذه مجزرة مماثلة في الحجم للمجزرة في ميدان السلام السماوي في عام 1989. 

 

ربما ليس من المستغرب أن التايمز والإذاعة الوطنية العامة لعبتا بأمانة دورهما الذليل عن طريق بيع أسطورة أن الولايات المتحدة جمدت الأسلحة إلى مصر. لكن بالتأكيد هل حصلت جماعات حقوق الإنسان على القصة الصحيحة؟ حسنا، لا.  وقد وثقت هيومن رايتس ووتش انتهاكات الحقوق التي ارتكبتها الحكومة المصرية إلا أنها لم توثق كثيرا عن مسؤولية الولايات المتحدة عن هذه الانتهاكات. هذا ينطبق بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالدعم العسكري الأمريكي وصادرات الأسلحة الأمريكية.  مصر تتلقى ثاني أكبر قدر من المساعدات العسكرية الأمريكية والولايات المتحدة ومصر لديهما تاريخ طويل من التعاون العسكري. ونظرا لهذا يمكن للولايات المتحدة بذل قدر كبير من النفوذ في مصر. ومع ذلك، فإن هذا السياق قد غاب في كلا المقالين بالتايمز والإذاعة الوطنية العامة. 

 

وقد أغفلت التايمز والإذاعة الوطنية العامة وهيومان رايتس ووتش أيضا ذكر أن نهاية قيود الأسلحة الأمريكية لمصر تعني أن المساعدات الأخيرة المتبقية والأسلحة إلى مصر التي تأخرت سيتم الآن الإفراج عنها.  وهذا يعني أنه بعد انقلاب عسكري ومجزرة وانتهاكات منهجية لحقوق الإنسان وصولا للاعتقال المستمر للأميركيين فإن مصر لم تخسر دولارا واحدا من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين الممولين للمعونة أو شحنة أسلحة واحدة.  بشكل مخجل فإن الإذاعة الوطنية العامة والتايمز وهيومان رايتس ووتش يقودون القراء لاعتقاد خاطيء أن الولايات المتحدة غيرت بشكل كبير سياستها تجاه مصر للرد على المخاوف بخصوص الديمقراطية وحقوق الإنسان. ولكن لسوء الحظ فإن البيانات تقول غير ذلك.