واشنطن بوست: كيف كانت اليمن يوما فيتنام لمصر

إيشان ثارور: واشنطن بوست

 

برزت في قمّة شرم الشيخ صورة المصافحة الودية بين الرئيس السيسي وأمير قطر، ما يبشر بإنهاء القطيعة بين البلدين والتي سيطر عليها التوتّر منذ الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق مرسي والذي اعتبرته الدوحة انقلابا، وهذه الصورة هي أيضا إحدى ارتدادات "عاصفة الحزم" التي أعادت الدول العربية الى رشدها. كان من غير المقدّر ألا تقوم الدول الخليجية بردة فعل حيال التمدد الحوثي في اليمن من صنعاء الى عدن وصولا الى السيطرة على باب المندب المضيق الإستراتيجي المؤدي الى البحر الأحمر الذي تخنق السيطرة عليه الخليج إقتصاديا.  وبالتالي فإنّ انطلاق عملية “عاصفة الحزم” بقيادة المملكة العربية السعودية وبتحالف مع الدول الخليجية وعدد من الدول الإقليمية والإسلاميّة يعدّ ردّا منطقيا على التسلّل الإيراني الى “حدائق” الجيران الخليجيين.

 

وبدا واضحا بعد القمّة العربية التي عقدت في شرم الشيخ بأنّ تهديد الأمن القومي للخليج أعاد توحيد القرار العربي عسكريا وسياسيا وأمنيّا،   بدليل القبول بتشكيل قوات عربية مشتركة (ولو إختيارية)، ما يشي بأنّ  “عاصفة الحزم” ربمّا تكون أولى حملات “ترميم التوازن” في المنطقة ولكن ليس آخرها. برزت في قمّة شرم الشيخ صورة المصافحة الودية بين الرئيس عبد الفتّاح السيسي وأمير قطر الشيح حمد بن خليفة، ما يبشر بإنهاء القطيعة بين البلدين والتي سيطر عليها التوتّر منذ الثورة التي أطاحت بالرئيس المصري السابق محمد مرسي والذي اعتبرته الدوحة انقلابا، وهذه الصورة هي أيضا إحدى ارتدادات “عاصفة الحزم” التي أعادت الدول العربية الى رشدها.

 

أما السعودية فقد نجحت في توجيه صفعة سياسية لخصمها اللدود أي إيران عبر الرّدع العسكري للحوثيين المدعومين من طهران وبطبيعة الحال من الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، لكنّ المعروف بأنّ الإيرانيين لا يقومون بردود فعل سريعة على أيّ هجوم، ولعلّ الأيام القادمة والتطورات الميدانية في اليمن وفي ساحات المواجهة السعودية الإيرانية في المنطقة ستظهر مدى الردّ الإيراني الذي برز مزاجه الغاضب في خطاب أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصر الله، الذي لم يفرمل عباراته حيال السعودية في سابقة غير معهودة تدلّل على السّخط الكبير لدى إيران من ردّة الفعل الخليجية في اليمن.

 

بالطبع فإن خطاب نصر الله يعيد سجالا قديما في لبنان حول السبب من ربط هذا البلد الصغير بحروب المنطقة، ولماذا لا يتمّ تحييده عنها، وإذا كان لبنان غير قادر بسبب الإستقطابات السياسية والطائفية فيه على دعم دول الخليج حيث يعمل ملايين اللبنانيين فيمكنه على الأقل النأي بنفسه كما تعمد دبلوماسيته منذ اندلاع الثورة السورية. لكنّ أمين عام “حزب الله” لا يتطلّع الى هذا الواقع، والسبب واضح وصريح وقد اعلنه في خطاب سابق له تحدّث فيه عن “ترابط الساحات” من الجولان الى اليمن، وهذه استراتيجية خطرة جدا يمكن أن يدفع ثمنها لبنان غاليا من أمنه ومن رزق مواطنيه العاملين في الخليج.

 

بأي حال وبالعودة الى “عاصفة الحزم”، فإن امتدادها الزمني لن يكون في صالح التحالف الخليجي الإسلامي ومن هنا وجوب السرعة في تحقيق الأهداف العسكرية المخطط لها كي لا تتحوّل الى مستنقع تغرق فيه “العاصفة” كما حدث عام 1962 عندما دعم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر انقلاب المشير عبد الله السلال ضدّ الإمام محمد البدر حميد الدين الذي هرب الى السعودية، لتندلع حربا مديدة  بين عامي 1962 و1970 أرسل خلالها عبد الناصر 70 ألف جنديا ووصلت الى طريق مسدود مستنزفة الجيش المصري، ويقال أن حرب اليمن هي التي أثرت على مستوى أداء المصريين في حرب 1967 ما دفع عبد الناصر الى سحب جيشه من اليمن تحت وطأة الهزيمة.

للتذكير فإن عبد الناصر دفع أولا بـ5 آلاف جندي الى اليمن وصلوا الى 70 ألفا، وتحوّلت اليمن إليه كحرب فييتنام بالنسبة الى الولايات المتحدة الأميركية (1956-1975) حين أرسل الرئيس الأميركي الراحل جون كيندي الى سايغون طلائع من 400 جندي أميركي تضاعفت مرات في السنة التالية الى 11 ألفا وبلغ عدد الجنود 16500 عام 1963، ليصل الى 525 ألفا عام 1968!