واشنطن بوست: ما يحدث في اليمن يأخذ بالشرق الأوسط إلى حالة من الفوضى

واشنطن بوست
ليزي سلاي

ما يحدث في اليمن يدفع الشرق الأوسط برمته ليكون قريبا بنحو خطير من حريق إقليمي كان الكثير يخشى وقوعه منذ مدة طويلة بعد فوضى الربيع العربي. وما كان في بدايته نضالا سلميا للاطاحة برجل اليمن القوي ثم تحول إلى حرب أهلية، وصل الآن الى نقطة تحوله إلى حرب شاملة في المنطقة بين السعودية وايران بشأن البلد الذي يقع عند مضيق تمر عبره معظم امدادات النفط الكبرى.

ويرى محللون إن من غير المحتمل ان ترد إيران عسكريا على الفورعلى الغارات الجوية السعودية، لأن المفاوضين بشأن الملف النووي الايراني يتسابقون مع الوقت قبل الوصول الى نهاية المهلة المحددة الثلاثاء. ويقول المحللون إن المواجهة أضافت طبقة جديدة من التشويش وعدم القدرة على التنبؤ الى العديد من الصراعات متعددة الأبعاد التي حولت مساحات واسعة من الشرق الأوسط إلى مناطق الحرب على مدى السنوات الأربع الماضية. وتقوم مصر والإمارات، اللتان انضمتا الى الهجوم السعودي في اليمن، بقصف الفصائل في ليبيا المدعومة من تركيا وقطر اللتين تدعمان الهجوم السعودي في اليمن. واشتعل الصراع السوري نتيجة المنافسة بين جميع القوى الإقليمية للحصول على مكاسب على حساب بعضها البعض في ميادين القتال بعيدا عن أوطانها الأصلية.

وقال فريدريك هري من مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: منذ الستينيات الماضية وربما قبلها بكثير جاء وقت كانت فيه الدول العربية والمكونات تدخل في حروب مشابهة لهذه تماما حيث يسود الارباك وعدم الوضوح. وأضاف إنه أمر خطير للغاية. وكانت الشرارة التي أشعلت العنف هذه المرة هي تقدم الحوثيين صوب مقر الرئيس اليمني في مدينة عدن الجنوبية. وسبق لهم ان اجتاحوا صنعاء قبل اشهر عدة. وبحلول يوم الخميس الماضي، وعندما شنت قوات التحالف التي تقودها السعودية غارات جوية كان الرئيس هادي قد فر إلى الرياض، وبدا إن الحوثيين قريبين من السيطرة على معظم بقية البلاد.

ويقول المحلل مصطفى العاني من مركز الخليج للابحاث ومقره دبي لقد كان ذلك تتويجا لسنوات من التوسع الإيراني الذي بات يهيمن في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط التي شهدت تراجع نفوذ السنة لحساب إيران وحلفائها، وان الولايات المتحدة تخلت عن المصالح السعودية على ما يبدو.
وقال العاني ومع تدخل ايران في اليمن فان السعودية اعلنت انها لن تتسامح مع التوسع الايراني غير المردوع وانها لن تعتمد على الولايات المتحدة لحماية مصالحها في الشرق الأوسط. لقد بدأت ايران في لبنان، ثم سوريا، ثم العراق والآن اليمن. انها مثل الدومينو، واليمن هي المحاولة الأولى لوقف الدومينو. وأضاف العاني إن هناك صحوة في المنطقة وهناك استراتيجية مضادة واليمن هي أرض الاختبار. المسألة لاتتعلق باليمن فقط، انها لتغيير ميزان القوى في المنطقة. وألقى العاني باللوم على الولايات المتحدة التي تسببت في توسع ايران نتيجة سعيها لابرام اتفاق نووي ما دفع السعودية إلى التدخل.

ويقول العاني ليست القنبلة النووية الإيرانية هي القضية فقط، إنه السلوك الإيراني الذي اصبح يساوي قنبلة نووية. وكان الدافع الآخر الذي استشهد به المسؤولون السعوديون للتدخل هو الخوف من أن تقدم الميليشيات المتحالفة مع إيران في الجزء الجنوبي من اليمن ومعظم سكانه من السنة قد يؤدي الى زيادة تأييد السنة في اليمن لتنظيم القاعدة – وربما حتى لداعش. لكن، تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وهو فرع تنظيم القاعدة الرسمي يتحكم بنحو غير ثابت برقعة واسعة من البلاد. واكدت داعش مسؤوليتها عن موجة الهجمات ضد المساجد الشيعية في صنعاء الاسبوع الماضي ما يؤكد ان لداعش موطئ قدم هناك.

ومع توجه السفن الحربية المصرية نحو الساحل اليمني وانضمام الإمارات الى سلاح الجو السعودي في قصف أهداف في اليمن يوم الجمعة، فان التهديدات المبطنة من إيران اكدت إمكانية التصعيد. وقال عضو في البرلمان الايراني لوكالة أنباء فارس شبه الرسمية أن الحوثيين يمتلكون صواريخ قادرة على ضرب اهداف تبعد 500 كيلومتر، أي حوالي 300 ميل، داخل السعودية. ونقلت الوكالة عن مسؤول لم تذكر اسمه إن الحوثيين يستعدون لمنع الدخول إلى مضيق باب المندب، الذي يقود إلى البحر الأحمر، والذي من خلاله تبحر السفن الحربية المصرية. وتعهدت الولايات المتحدة بأنها ستعمل على ضمان عدم انقطاع الشحن عبر المضيق البحري ذي الحيوية الستراتيجية، الذي يربط الخليج العربي بالبحر المتوسط عبر قناة السويس.

ومع ذلك وحتى الآن، فان التهديدات الإيرانية ذات نبرة خطابية إلى حد كبير. ويشكك محللون في أن تكون إيران مستعدة لتعريض نفوذها الكبير الذي حصلت عليه في أماكن أخرى في المنطقة للخطر من أجل اليمن، التي هي أقل قيمة بكثير من العراق أو سوريا أو لبنان، حيث تسمح لها شبكتها من التحالفات بالوصول إلى البحر الأبيض المتوسط وحدود إسرائيل. وفي خطاب مطول ليلة الجمعة، صب حسن نصر الله زعيم حزب الله جام غضبه على محاولة السعودية للتأثير على نتيجة الصراع اليمني، قائلا إنها محكوم عليها بالفشل «لأن هذه هي قوانين الله». وأكد نصر الله أنه لا يتحدث (نيابة)عن ايران لكنه قال ان وجهات نظر إيران وحزب الله عادة ما تتطابق». وأشار إلى أن المفاوضات ستكون أفضل من حرب تتصاعد.

وقال نصر الله مايزال هناك وقت. وما تزال هناك فرصة. ويا ايها الدول العربية ... بدلا من أن تصبحوا شركاء في سفك دماء الشعب اليمني، اسمحوا ان تكون هناك مبادرة تؤدي إلى حل سياسي. وقد أشار مسؤولون سعوديون أيضا الى أنهم يأملون ان تقنع الضربات قادة الحوثيين لايقاف تقدمهم والعودة إلى محادثات تهدف إلى تشكيل حكومة لهم فيها تمثيل مع هادي. وقال مسؤولون سعوديون الجمعة انه لا توجد خطط مستعجلة لهجوم بري محتمل، على الرغم من أنهم قالوا لا يمكن استبعاد واحد. ولكن لاتوجد أية إشارة إلى أن الحوثيين راغبين بالعودة إلى طاولة المفاوضات، وهناك أيضا خطر من أن الغارات الجوية التي قتلت حتى الآن العشرات من الناس، ستزيد الانقسام في اليمن.

ويتسائل جون جينكينز، السفير البريطاني السابق في العراق والسعودية والذي يعمل حاليا مديرا تنفيذيا لمعهد الدراسات الدولية والاستراتيجية في الشرق الأوسط ومقره في البحرين ماذا لو لم توقف الضرباتُ تقدم الحوثيين؟ ومن المؤكد ان الحملة البرية هي آخر شيء يريده السعوديون. وأين المسار السياسي؟ وكيف سيتم تشكيله؟ وقال جنكينز إن الفشل في التوصل الى اتفاق في لوزان التي تجري فيها المحادثات النووية سيقود الى زيادة الشكوك، وربما يشجع إيران على الرد. وان المفاوضات هي واحدة من الضمانات بأن الأمور لن تنفجر.

وقال فريدريك هري من مؤسسة كارنيجي للسلام: أن هجوما فاشلا في اليمن سيزيد أيضا من خطر المتطرفين، بقدر ما فعلت الضربات الجوية المصرية والإماراتية في ليبيا حيث عمقت ووسعت الحرب الأهلية في ذلك البلد. وأضاف من الصعب بالنسبة لي أن أرى كيف سيوصل السعوديون هذه القضية إلى نهاية حاسمة من شأنها إعادة جماعتهم الى صنعاء وتصفية القاعدة وداعش. وفي ليبيا، زادت الضربات الجوية من الاستقطاب في الحرب الأهلية القائمة وفتحت الطريق امام داعش، وأنا خائف من أن يحدث الأمر نفسه في اليمن.